الثورة _ فؤاد مسعد:
هي حكايات تُكتب بالدم والدموع، دم يروي أرضاً مقدسة، ودمع يذرفه أطفال على آلام يعيشونها، إنها شهادات حية من أطفال ونساء عن حالهم بعد تعرضهم لقصف وحشي استهدف بيوتهم ومدارسهم والأحياء السكنية، فهناك نشاهد طفل نجا لكن الخوف يقطر من عينيه لهول ما رأى، وفي مكان آخر نتابع طفلة وجدت نفسها فجأة وحيدة من دون عائلة بسبب مجازر يرتكبها محتل غاشم.
من يتمعن في أعين الأطفال ونظراتهم من خلال الصور الملتقطة لهم وهم يعيشون الصدمة، ويختبرون في الحياة ما لا طاقة لهم به، يمكنه التقاط الكثير من المعاني التي تختبئ في عمق نظرة لها دلالاتها وتحكي آلاف القصص والمشاهد التي لا تُنسى لأحداث ستلتصق في ذاكرتهم على مدى العمر، وكأنهم كبروا قبل أوانهم.
من تلك الحكايات التي تحفر عميقاً في الروح وتبقى شاهداً للتاريخ، حكاية طفلة تتحدث في أحد الفيديوهات المنشورة على السوشال ميديا عن نجاتها من تحت أنقاض منزلها المدمر، تقول:»بقينا أربعة أيام نتعرض للقصف ونحن تحت الردم والحجارة، بدون أكل أو شرب»، وفي حكاية أخرى تروي سيدة كيف استفاقت هي وأطفالها بعد أن بدأ القصف ينال من المنطقة ومن منزلهم الذي تم تدميره فوق رؤوسهم وقد أصيبوا كلهم من جراء ذلك، تقول:»انتشلونا من تحت الأنقاض بأعجوبة»، في حين تؤكد طفلة في المستشفى أنها فقدت عائلتها كلها من جراء القصف «أمها ووالدها وأخويها وأختها وأعمامها» ولم يبق أحد سواها، وكأن اسم عائلتها قد تم محّوه من السجلات.
واليوم مع قدوم الشتاء واشتداد البرد والمطر، أي أيام عصيبة ستمر على أطفال يتوقون للفرح والحرية، وهم يعيشون أصعب الظروف بعد تدمير بيوتهم وقتل عائلاتهم، إضافة لما يعانونه من إصابات مؤملة وأمراض تحتاج إلى متابعات طبية قد لا تكون متوافرة.
هي بعض من قصص حقيقية مُغمسة بقسوة الحياة ووجعها، تعكس ما يعانيه أطفال باتوا اليوم هدفاً مباشراً لجبروت آلة القتل، وسط الاستهداف المتكرر للمستشفيات والمدارس والمنازل، في مجزرة يعيشون أوجاعها ويرتكبها عدو مُحب للدماء، ولكن على الر غم من الدماء والمآسي يبقى الأمل بغد يعيشون فيه الحرية في فلسطين التي حفر اسمها في قلب كل عربي مؤمن بالقضية التي لا تموت.