حالة الصدمة الممزوجة بالدهشة والاستغراب التي يعيشها أصحاب الدخل المحدود “هذه الأيام تحديداً” ليس سببها فقط حالات البطر الكهربائي والنفطي والسباق التزييني غير المحمود أو المفهوم أو المبرر، الذي تخوض غماره اليوم فنادقنا ومطاعمنا “بغض النظر عن نجومها وسويتها وأبطالها- عفواً أصحابها أو مستثمريها”، وإنما يمتد الأمر أشواطاً وأشواطاً وصولاً إلى الأسعار “الجنونية – الفلكية” لحجوزات سهرات أعياد الميلاد ورأس السنة التي “طحشت” هي الأخرى وتخطت عتبة المليون و500 ألف ليرة سورية في بعض الفنادق والمطاعم “العاجية”.
حالة الذهول التي تنتاب المواطن وتقض مضاجعه حالياً، لم تأت من فراغ أو عبث، كما قد يعتقد البعض، وإنما نتيجة المشاهد التي يراها، والأخبار التي تتناهى إلى مسمعه، والتي تؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك “بالنسبة إليه” أن المليون ونصف المليون متر مكعب من الغاز الذي سبق وأن تم تحويلها من معمل السماد في حمص إلى محطات توليد الكهرباء في المحافظات، لم يتم اقتطاعها مؤخراً وإعادتها مجدداُ إلى الشركة العامة للأسمدة، وأن حقول نفطنا تحررت بالكامل من رجس قوات الاحتلال ورعاة البقر الأمريكيين ومرتزقتهم، وأن أسعار المشتقات النفطية “مازوت + فيول + بنزين” انخفضت نتيجة ارتفاع الكميات المنتجة والموزعة، وزيادة العرض، وأن السماسرة والمضاربين على الليرة السورية أصبحوا في خبر “كان يا ما كان”، وأن قوائم العقوبات الغربية الجائرة والظالمة “ولاسيما الاقتصادية منها” ولت إلى غير رجعة.
أصحاب الدخل المحدود جداً جداً متعطشون جداً جداً جداً “لإقامة الأفراح والليالي والملاح” في صورة طبق الأصل لما كان عليه الحال قبل المؤامرة الكونية على بلدنا، ولكن بعيداً كل البعد عن الاندفاعات الزائدة وغير المبررة، التي لا تزيد من علامات التعجب والاستفهام والاستغراب والدهشة والذهول، إلا علامات جديدة، يصعب على الكثيرين إيجاد أو ذكر مسوغ واحد لها.
السابق