الثورة _ فؤاد مسعد:
كثيراً ما امتزجت فرحة العيد بالمرارة جراء احتلال غاشم يغتصب الأرض ويقتل الأبرياء بدم بارد، يدمر كل ما تطاله يده من شجر الزيتون والليمون إلى البناء والحجر، واليوم وسط ما يجري من مجازر في فلسطين الجريحة، تُرى كيف يزورها العيد؟.
هناك حيث أطفال يرزحون تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي وقد باتوا هدفاً لرصاص جنوده، تُرى كيف يعيشون العيد بعد أن حُرِموا عنوة من أهلهم وأرضهم وحتى من ذكرياتهم، فتشردوا من بيوتهم وباتوا في العراء بلا مأوى أو وضعوا في ملاجئ ينتظرون المجهول.. هناك طفلة منعها جنود الاحتلال من الذهاب إلى مدرستها التي دمروها وفرضوا حالة منع التجول على أهالي قريتها، اعتقلوا أخاها وهدموا منزلها وهجّروا والدها، وطفل بات فجأة من دون أهل بعد أن أصاب صاروخ منزله فنجا من الموت بأعجوبة في حين استشهد كل أفراد عائلته.
كيف تعيش الأمهات الثكلى العيد وقد اخترقت أسماعهن أصوات الانفجارات، ففاحت رائحة الموت من كل حدب وصوب في الشوارع والأزقة وانتشرت المقابر الجماعية؟. يشيعّن من استشهد من أولادهن وينتظرن برجاء أن يخرج البقية منهم أحياء من تحت الأنقاض.
كيف يعيش العيد من وضع روحه على كفه ليفدي الوطن؟ حقيقة ما أنبل العيد حين يتوج بالتضحية، هاك طفل يهدي أمه استشهاده فتزغرد مهللة، وذاك فتى يهدي معشوقته الأرض حبه الذي فُطم عليه وردة جورية حمراء من دمه يسقي بها ثرى وطنه .. يتحول العيد لدى الفلسطينيين اليوم إلى ألم وغصة، وتمسي الهدايا التي يلتقطونها هابطة من السماء صواريخ وقذائف ورصاصاً واعتقالات وحشية.. وما من ذنب لهم سوى عشقهم للحرية وأن لهم أرضاً مسلوبة وحقوقاً مغتصبة ينادون بها ويسعون إلى استرجاعها.
مما لا شك فيه أن هناك جراحاً حارة لا يمكن نسيانها، وفرحة يحاولون صبغها باللون الأحمر، ولكن على الرغم من كل الألم يبقى للعيد موقعه في القلوب، ويبقى صرخة في وجه القهر والمعاناة، وخيط أمل لغدٍ تشرق فيه شمس الحرية.