بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:
من اغتيال العصابات الصهيونية لـ “الكونت “برنادوت” المبعوث الأممي إلى فلسطين المحتلة منذ 75 عاماً إلى اغتيال الشيخ العاروري في بيروت منذ أيام، توثق مراكز الدراسات والبحوث الدولية بأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وفي مقدمتها “الموساد”، اغتالت على مدى العقود الماضية أكثر من ٢٧٠٠ شخصية فلسطينية وعربية ودولية، وكانت المفارقة الصارخة والمريرة والمثيرة للاستهجان أن القتلة لم تحاسبهم المحاكم الدولية، ولم يمثل أي واحد منهم أمامها، وظل ما يسمى بـ “المجتمع الدولي” متفرجاً، وبقيت ومنظماته السياسية وفي مقدمتها الأمم المتحدة وأجهزتها صامتة على تلك الجرائم صمت أهل القبور.
وتوثق مراكز البحوث الدولية بأن جهاز “الموساد” وبقية أجهزة الاستخبارات الصهيونية لديها كتائب بحالها مختصة بقتل السياسيين والمقاومين وصولاً إلى اغتيال العلماء والأدباء والكتاب ممن يشعر الكيان الإسرائيلي بأن أقلامهم وأصواتهم ستفضح جرائمه وستهدد وجوده، وما اغتيال علماء العراق النوويين واغتيال الأدباء الفلسطينيين مثل غسان كنفاني وناجي العلي وكمال ناصر وعبد الوهاب الكيالي واغتيال المقاومين أمثال الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي والقادة كخليل الوزير وغيرهم إلا الشاهد الصارخ على تلك الجرائم المروعة.
اليوم يصعّد الاحتلال الإسرائيلي جرائم الاغتيال وينفذها بحق مقاومين وشخصيات سياسية في بيروت ودمشق وبغداد وكل مكان تطاله أذرعه الاستخباراتية، لأنه خسر معركته في غزة ويريد التعويض بأي طريقة ليثبت لمستوطنيه أنه انتصر ولو بشكل وهمي، فنراه يستمر بسياسة الاغتيالات في الساحات الخارجية كما هو أسلوبه في اللجوء إلى توجيه ضربة لمن يقاوم إرهابه أو يوجه له ضربات موجعة كما هو واقع الحال في عملية “طوفان الأقصى” التي هزت أركانه ومرغت رؤوس جنرالاته في الطين.
عودة للتاريخ فقد اغتال هذا الكيان المارق اللورد موين السياسي ورجل الأعمال البريطاني عام 1944، لأنه لم يكن يشجع هجرة يهود بريطانيا إلى فلسطين، واغتال المبعوث الأممي الكونت السويدي “فولكي برنادوت” الذي عينه مجلس الأمن الدولي عام 1948 كوسيط دولي في الصراع وذلك وسط القدس المحتلة على يد حركة “ليحي” الإرهابية التي كان اسحق شامير رئيس وزراء الكيان الأسبق أحد قادتها، واغتال الكثيرين الذين وقفوا ضده أو ممن رفضوا تنفيذ أوامره أو قاوموه، وكانت أكثر جرائمه وحشية حين يغتال الأسرى وهم في زنازينهم، وكل ذلك بصمت دولي مريب وبتوافق مع أجهزة الاستخبارات الأميركية.
صحيفة “الثورة” ترصد في ملفها السياسي اليوم الاغتيالات الإسرائيلية لكل من يقاوم مشروع الكيان الإرهابي، والصمت الدولي على هذه الجرائم المخالفة للقوانين الدولية، والتواطؤ الغربي، والأمريكي تحديداً، وتحاور عدداً من الكتّاب والقادة الفلسطينيين حول هذا الموضوع، وتسلط الضوء على تفاصيل ما جرى من اغتيالات عبر مقالات لمحللين وكتاب سياسيين متخصصين.