حديث “بول بلوم” عن التعاطف وموقفه (الضدّي) منه، ذكّرها بموقف الشاعر أدونيس من التسامح.
الاثنان يشرّحان (الكلمة/الحالة) ويغوصان إلى ما وراء معناها الظاهري المباشر والمتداول.
في كتابه (ضد التعاطف: دراسة حول التراحم العقلاني) يبدو أن “بلوم” يريد أن يزيح معاني الشفقة والتحيّز من الموقف المتعاطف، فيميّز بين أن يكون أصله إنسانياً أو أخلاقياً..
هل ينشأ التعاطف من موقف متسامح..؟
أو هل ينشأ التسامح من موقف متعاطف..؟
تأمّلتْ فيما ذكره كلا الكاتبين، لتجد أنه حتى التعاطف يشتمل ضمنياً على (أعلى) و(أدنى).. كما رأى أدونيس مفهوم “التسامح”.
إذاً.. هناك شيء من (فوقية) ممارَسة من أحدهم تجاه الآخر.
بالنسبة لحالة التسامح، يقترح أدونيس المساواة بين المتحاورين بين الطرفين اللذين ينشأ بينهما تماسٌ من نوعٍ ما.
لم تقرأ من كل ما أراده بلوم أو أدونيس إلا حالة من نديّة حقيقية تستلزم تعاملاً منطقياً وأخلاقياً..
فالنديّة تستوجب المساواة وبالتالي ضمان التعامل ضمن حدود تتساوى فيها الأطراف (حقوقاً وواجبات).
اللافت.. أن “بلوم”، على الرغم من حديثه ذي البعد الأخلاقي، يصرّح: (العاطفة منسوجة في عقولنا، وهذا أمر جيد. على الرغم من أن المشاعر وحدها لا تجعلنا أشخاصاً صالحين، إلا أنها عناصر أساسية في حياتنا الأخلاقية)..
يريد لتعاطفنا أن يكون عقلانياً وموضوعياً..
وبرأيه، العاطفة والمشاعر ضرورية في سلوكياتنا الأخلاقية.
ما يهمها أن نصل لغاية ضبط (عاطفتنا) عقلانياً..
كان هو مطلبه الأكثر من مهم، لدى خلافاتها مع الآخر..
أن لا تكون مواقفه ولا أفعاله ذات بعد يتكئ على تعاطف أو تسامح.. ولا حتى النقيض..
لأنها مفردات أشعرتها دائماً بوجود طرف أعلى.. وآخر أدنى..
حتى لو كانت ظاهرياً تتلوّن بعكس ذلك.
ماذا لو كانت هي تلعب ذات اللعبة..؟!
ماذا لو كانت تستشعر بأنها المتسامحة والمتعاطفة..؟
وأنها تنظر من علوٍ شاهق لكل هفوات “مشاعر” الآخر..؟
يبدو أننا نتقن (اللعب) دائماً.. حتى على عواطفنا..
نغشها ونعطيها الأمان.. ولو إلى حين.