الثورة – ترجمة ختام أحمد:
بعد مرور أربعة عقود من الزمن، أصبحت الصين أكبر منتج ومستخدم في العالم، ليس فقط لتوربينات الرياح، بل أيضاً لألواح الطاقة الكهروضوئية. وتجاوزت القدرة المركبة للطاقة المتجددة في الصين 1.45 مليار كيلووات في عام 2023، وهو ما يمثل أكثر من 50 في المائة من إجمالي قدرة توليد الطاقة المركبة في البلاد، وفقا للبيانات الصادرة عن مصلحة الدولة للطاقة. والأهم من ذلك أنها تمثل حوالي 40 بالمائة من الإجمالي العالمي.
ووراء هذا التحول الملحوظ يكمن موقف الصين المتغير تجاه الطاقة المتجددة.
إن تغير المناخ والتهديد الذي يشكله على كوكب الأرض كان منذ فترة طويلة مصدر قلق للمجتمع الدولي. ورغم الاتفاق على ضرورة خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من أجل التخفيف من تغير المناخ، ظلت البلدان المتقدمة والنامية تتجادل لسنوات حول مستويات خفض الانبعاثات.
وقالت البلدان النامية إن الاقتصادات المتقدمة يجب أن تخفض بشكل كبير من انبعاثاتها وكذلك سداد ديونها المناخية مقابل مساهمتها في معظم الانبعاثات التاريخية التراكمية. وشددوا أيضا على أنه لا ينبغي إجبار العالم النامي على خفض الانبعاثات وبالتالي حرمانه من تنمية اقتصاداته. وكانت الصين، بطبيعة الحال، من بين الدول الأخيرة.
ومع ذلك، على مدى العقد الماضي، غيرت الصين نهجها تجاه التنمية الاقتصادية، مع التركيز على التنمية الصديقة للبيئة، حيث قال الزعيم الأعلى إن “المياه الصافية والجبال الخضراء لا تقل قيمة عن جبال الذهب والفضة”. ونظرا لالتزامها بالتنمية المستدامة، لعبت الصين، مع بعض الدول الأخرى، دورا رئيسيا في تمرير اتفاق باريس في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باريس عام 2015. وقبل أربع سنوات، تعهدت الصين ببلوغ ذروة انبعاثاتها الكربونية قبل عام 2030 وتحقيق أهدافها. الحياد الكربوني قبل عام 2060
وهذان التطوران لم يدفعا تطوير الطاقة المتجددة في الصين إلى المسار السريع فحسب، بل أظهرا أيضا التزام البلاد بالمساعدة في تقليل الانبعاثات العالمية.
لقد دفعت ثلاثة اعتبارات استراتيجية الصين إلى الإسراع في سعيها إلى الحصول على الطاقة النظيفة. أولا، يتماشى هذا المسعى مع تعهد الصين بالمساعدة في بناء “مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية”. إن الصين لا تؤمن بالتفكير الصفري. وبدلا من ذلك، فإن هدفها يتلخص في بناء شراكات مربحة للجميع وتحقيق الرخاء المشترك.
كما أنها تعلم أنه لن تتمكن البشرية من البقاء على قيد الحياة إلا عندما يتم تخفيف تغير المناخ بشكل فعال. وباعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإنها تقبل الالتزام بخفض انبعاثات الكربون من خلال تطوير الطاقة المتجددة.
ثانياً، تأخذ الصين في الاعتبار حماية البيئة عند صياغة سياسة التنمية، وذلك لأن زيادة إنتاج الطاقة المتجددة من الممكن أن تساعد البلاد في الحد من تلوث الهواء والحد من التدهور البيئي، الذي كان يشكل مشكلة كبرى مرتبطة بالنمو الاقتصادي.
وفي الواقع، من خلال تغطية مئات الكيلومترات المربعة من الصحاري في الشمال والغرب بألواح الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، ساعدت الصين في تجديد النباتات في تلك المناطق، مما أدى بالمناسبة إلى الحد من التصحر.
أما الاعتبار الاستراتيجي الثالث فنادرا ما يذكره المراقبون، ولكنه ربما يحتل مكانة عالية على أجندة صناع القرار: أمن الطاقة. وأغلقت الصين عددا متزايدا من محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم لخفض الانبعاثات، فضلا عن الحد من استخدام الوقود الأحفوري.
ومن خلال تطوير الطاقة المتجددة – التي تلبي بالفعل ثلث متطلبات الاستهلاك في الصين – تستطيع البلاد ضمان أمن الطاقة وحماية شعبها ليس فقط من العقوبات الغربية ولكن أيضا من تأثير تغير المناخ.
المصدر _ تشاينا ديلي