من الطبيعي أن تذكّر بعض الأعمال الدرامية، أو الفنية عموماً، بأعمال أخرى تسبقها زمنياً..فالتجارب الإنسانية تتقارب وتتشابه على اختلاف ظروفها (الزمكانية)..
وبالتالي ثمة جزئيات يتكرر طرحها.. مع وجود تقاطعات تعيد إلى أذهاننا عملاً ما، أو شخصية محددة دون سواها..
على الرغم من موضوعته الخاصة التي تدور ضمنها مختلف محاوره، فإن عمل “مال القبان” يُرجع إلى ذاكرتنا أعمالاً مضى عليها أكثر من عشرين وربما ثلاثين عاماً.
غالباً تستحضر حالة (السحت) فيه عناوين قديمة لكن أصيلة من الدراما المصرية، ولاسيما عمل (السحت) و(المال والبنون)..
فالمال بما يحرّك حوله من جشع وطمع.. يبدو صاحب السطوة الأقوى والأهم..وربما عُيّن بطلاً متخفّياً يقوم بتحريك مختلف شخصيات عرفناها بالعديد من الأعمال.
المال والربح الحرام ..أو السحت بتعبير آخر.. هو ما يحرّك (أبو الخير، بسام كوسا).. وربما دفع ذلك عدوه اللدود (أبو عمار، نجاح سفكوني) للقيام بحركة مقابلة، رد فعل يزيد من اشتعال الصراع بينهما.. لكن هل تنبّهنا إلى أنه صراع الشرّ معشرّ؟
على خلاف نماذج دراما تسعينيات القرن الماضي كما في (المال والبنون).. حين كانت ثنائية (الشر، الخير) تبدأ صراعاً يُحسم غالباً لصالح الخير.
السحت في “مال القبان” يتقاطع مع آخر صوّره الكاتبان يامن الحجلي وعلي وجيه في (ولاد بديعة) الذي يعرض هذا الموسم أيضاً، لكنه فاقع في هذا العمل الأخير لأنه يعتمد على نماذج شرّ، العنف فيها دموي.. بينما يبقى في العمل الأول (مال القبان) أكثر تشذيباً.
ذلك لا يغفل كونهما عملين يعتمدان صراع الشرّ قبالة شرّ آخر..صحيح أن نماذج الخير موجودة.. لكنها في كليهما ليست محورية.
كأن الكاتبين يجعلان في عنواني العملين تكاملاً مقصوداً، فالأولاد هم أبناء المال أو (ولاد القبّان) لا فرق..
وهو ملمح إلى ثنائية (المال والبنون) الملحوظة في (ولاد بديعة) و (مال القبان).. لكن الفرق شاسع بين طرح الماضي وطرح اليوم.