قالوا كثيرًا عن الغربة وكم قرأنا ما جادت به أقلام الكثير من الأدباء الذين خبروا معنى أن تبعد بهم المسافات وتفصلهم عن بلادهم البحار والمحيطات.
واليوم وقد تفرق شمل الكثير من العائلات ليصبح كل فرد فيها في مكان، ندرك كم هي صادقة تلك المشاعر، فالوطن هذا السحر الآسر لا يريد أن يغادر القلوب بل نجده يتربع شامخًا عزيزًا في قلوب الجميع، ولم تستطع بلاد الاغتراب بما تحمله من مغريات وأضواء أن تثنيه عن حب وطنه والتمسك به والحنين إليه كل طرفة عين وكلما هبت نسائم عليلة تشبه نسمات البلاد المنعشة.
فرغم الأيام المعدودة أو الأشهر القليلة التي أصبحت فيها بعيدة عن أرض الوطن، إلا أنها شعرت بتلك المسؤولية الملقاة على عاتق المغترب، فوجوده خارج الوطن وفي بلاد الاغتراب يعطيه فرصة ذهبية ليكون سفير بلاده وينشر ثقافته وحضارته ويعيد تلك الصورة الناصعة التي حاول البعض تشويهها ورسم صورة مزيفة، وهذا بالطبع يتطلب تعاون الجاليات السورية تحت مسمى تجمع أو رابطة أو تفعيل المراكز الثقافية لإقامة الأنشطة والمعارض والفعاليات الثقافية أسوة بالكثير من الجاليات التي تحاول أن تنشر ثقافتها وفنونها.
وربما يساهم تفوق الكثير من أبنائنا وتلك النجاحات التي يحققونها في تكريس حضارتنا وثقافتنا، ففي كل يوم تطالعنا وسائل التواصل بقصة نجاح هنا وتفوق علمي هناك، ما يؤكد تلك القدرات الفائقة التي يمتلكها أبناء جلدتنا وأهمية بناء جسور التواصل معهم، وتعزيز العلاقة بين المغترب ووطنه الأم، وهذا بالطبع دور يجب أن تضطلع به المؤسسات المعنية بالتواصل والمتابعة لتلك الجاليات وخلق استثمارات ثقافية وفنية وتكريس اللغة العربية الحامل الحقيقي لثقافتنا وحضارتنا وأصالتنا العريقة المتجذرة في عمق التاريخ.
التالي