يواجه العديد ممن يعملون في القطاع التعليمي وخاصة معلمات مرحلة التعليم الأساسي معضلة التفاوت في قدرات التلاميذ وطاقاتهم الذهنية مايجعل التلاميذ الأقل تفوقاً واجتهاداً عبئاً حقيقياً على كاهل المعلمة حين يتدخل بعض الأهالي معترضين على ملاحظات المعلمة أثناء سبر الطلاب وكشف مستواهم الضعيف أو المتوسط ، ما يخلق حالة من الحساسية والعتب واللوم من قبل الأهل وتحميل الكادر التدريسي مسؤولية ضعف قدرات أبنائهم.
إحدى معلمات الصف الأول والثاني الابتدائي والمشهود لها بالكفاءة والخبرة والأسلوب الراقي والمحبب في تعاملها مع أبنائها الصغار وبشهادة أهاليهم، ذكرت كيف أن لديها بعض التلاميذ يتصفون باستيعاب بطيء مقارنة بغيرهم من أقرانهم ورغم كلّ الدعم والرعاية والاهتمام بهم على أكمل وجه، إلا أن استيعابها لا يتعدى إمكانات طفل الروضة ، وبالتالي لا يستحق هذا وذاك الترفيع إلى الصف الأعلى أي من الأول إلى الثاني ، أو من الثاني إلى الثالث وإنما البقاء في صفهم للضرورة التعليمية والمعنوية للتلميذ .
وحين يشاهد ذووهم ملاحظات المعلمة بأنه يفضل ابقاء هؤلاء في صفهم بهدف التقوية والتمكين أكثر في عمليات الحساب والقراءة والكتابة والحفظ بما يناسب امكانياتهم لمستقبل أفضل.
إلا أن الأهل سرعان ما يعترضون على تلك الملاحظات ويشككون بأمر المعلمة أو المعلم ، مطالبين بصيغة الأمر بوجوب نجاح أبنائهم وإن كانوا لا يستحقون، أو بالأحرى هم غير مدركين لدرجات الذكاء وتنوع صعوبات التعلم ببعض جوانبها ، وحتى لغة التواصل والتنسيق بين الأهل والمعلمة حول وضع الابن التلميذ ومتابعته في البيت والمدرسة إنه أمر مهم جداً وغاية في النجاح اذا اقتنع الأهل وخاصة الأب أو الأم بواقع الحال عن كثب . دون إعطاء أذن السمع بشكل سلبي للقيل والقال. وأن ابن فلان ليس أفضل من ابني ، أو محاولة شراء ذمة المعلمة كما يخيل للبعض .
وبالتالي من الأفضل والأهم عند الأسرة بناء جسور الثقة مع الأبناء وتقدير كلّ حالة من حالات التعلم والاستيعاب، إذ لكل شخص مهارات وقدرات يتميز بها ، مع الأخذ بالاعتبار نصائح المعلمين والمعلمات الذين هم على تماس مباشر في قياس الرغبة والإدراك، بغية الوصول بأبنائنا إلى شاطىء الأمان الذهني خطوة خطوة بعيداً عن إرهاق النفس والجملة العصبية من دون فائدة.

السابق
التالي