ندرك أن ترسانة أسلحة العدو الإسرائيلي المحظورة دولياً ضخمة وخارج المساءلة الأممية، وأن جعبة نتنياهو ملآى بالذخائر المحرمة التي يصبها فوق رؤوس الغزيين، لكن نعي أكثر أن مساحة مناوراته ضاقت كثيراً وما تبقى له من أوراق سواء العدوان على رفح أو توسيع بقعة التصعيد إقليمياً باتت محروقة حتى لو فردها على طاولات الميدان، وأن أعباء اتهامه من معارضيه وشارعه بتوريط الكيان بمعارك خاسرة باتت تثقل كاهله السياسي، والأهم سهام العزلة الدولية التي تنطلق من منصات غضب الوجدان العالمي أصابت الكيان الدموي بمقتل ادعاءاته وبطلان سرديته واتهام أركان حروبه بارتكاب فظائع وحشية.
رغم الفجائع الكبرى بغزة وأعداد ضحايا الإرهاب الإسرائيلي الذي لم ينقطع يوماً بحق الفلسطينيين، وبلغ ذروة وحشيته حالياً إلا أنه بميزان الإنجازات لاتقاس النتائج إلا بالأهداف المعلنة من العدو هل حققها أم لا،وفي حالة نتنياهو لم يحقق أياً منها، فلا حرر أسرى كيانه الغاصب ولا غسل عار هزائمه بأنهار دماء الشهداء والجرحى بل باتت حبلاً من نار يطوق عنق المجرم، ولم يلو للمقاومة على اتساع رقعة محورها ذراعاً قوياً مازال يضرب باقتدار في عقر إرهاب الكيان.
أما على مستوى التضامن مع فلسطين وعدالة قضية شعبها فنسفت السردية الصهيونية بعد عقود من التضليل وتواطؤ ماكينة الغرب الإعلامية وهنا طامة العدو الكبرى نظراً لتداعياتها على عزلة “إسرائيل ونبذها دولياً”.
على مدى عقود لم تدخر أميركا وسيلة سياسية وعسكرية لمنع اندحار كيان مصطنع أرادته مسماراً إرهابياً في جدار منطقتنا وتستميت لعدم نزعه وإلى اللحظة الراهنة تمارس ضغوطها لعدم محاسبته، وإلا فما معنى إقرار الكونغرس تشريعاً يفرض عقوبات على الجنائية الدولية، لقرار مدعيها العام إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وقائد جيشه الإرهابي.
هنا إذاً الحبل الأخير الذي يمده بايدن لانتشال نتياهو من قاع عجزه ومحاولة لامتصاص السخط العالمي بخطة ملغومة مسماة “وقف إطلاق النار” تقدم له سلم النزول عن شجرة تصعيده المجنون بعد خيبة مساعيه بعد ثمانية شهور من العدوان صمدت فيها غزة وانتصرت مقاومتها وانتصر محور
فلسطين المقاوم.