كلّ الحبرالذي سال في تغريبتنا الكروية الأخيرة،والخسارة المنتخباتية، مع كوريا الشمالية، في التصفيات المزدوجة للمونديال والنهائيات الآسيوية، لديه مبررات شتى وقد أصاب في دعواه،إذ لا يمكن فهم ولا هضم هذه الانتكاسة،مهما كانت الأسباب الفنية منها وغير الفنية أيضاً، وقد فعل حسناً اتحاد اللعبة،عندما لاذ بالصمت المريب،ولم يسرب كلمة واحدة،عن انطباعه أورأيه ،في موقف منتخبنا الذي بات على أعتاب الخروج من سباق التأهل لنهائيات كأس العالم،فهذه الحال لاينفع معها أي كلام ،ووحده الصمت يكفي لبيان ماآلت إليه أحوال منتخبنا الأول،على الرغم من أنه نال ما لم ينله أي منتخب من قبل،من دعم واهتمام ومتابعة واستقدام للاعبين المغتربين،ومعسكرات وتحضيرات ومباريات ودية،مع مدرب عالمي له تاريخه وشهرته!!
إن لم تكن الاشكالية في اللاعبين أو الكادر الفني،أو حتى في اتحاد كرة القدم،فهي بالتأكيد في العقلية التي تحكم كرتنا،وفي آليات عملها ومنهاج تفكيرها وسلوكها،وفي مسابقاتنا المحلية وضعفها وعجزها عن إفراز لاعبين يستحقون قمصان المنتخب.
ولا ندري إن كان بوسعنا الحديث عن اللاعبين المغتربين الذين يلعبون في دوريات أفضل من دورياتنا بكلّ المقاييس،ولماذا لايتألقون مع المنتخب؟!
بطبيعة الحال،من السهولة ملاحظة أن كوادرنا الفنية ولاعبينا المحترفين خارج الحدود،يبدعون ويقدّمون مستويات عالية ورفيعة من الكفاءة والقدرة على البروز والتألق،وعندما يدربون أويلعبون لأنديتنا ومنتخباتنا يخفت بريقهم وتتلاشى نجوميتهم،ونراهم مجرد بيادق على رقعة كرتنا!! ليس الخلل في هؤلاء ،وليسوا مزدوجي المردود أو مزاجيين بطباعهم،لكنهم باختصار شديد،ينقصهم التربة والمناخ،وعندما تتوفر هذه الثنائية،سيخرج من أعماقهم أفضل مالديهم.
ومن تجليات اشكالياتنا الكروية أننا نخلط بين مفهومي الغاية والوسيلة،فالتأهل لنهائيات كأس العالم،ليس غاية بذاته،مع كونه هدفاً كبيراً وطموحاً مشروعاً،وإنما تمظهر للهدف الحقيقي لكرتنا،وهو التطورالبنيوي واللحاق بالركب،وعندما تتطوركرتنا،ستجد نفسها بين الكبار،ومن دون انتظار حدوث معجزات أو تلقي هدايا مجانية من المنافسين.

التالي