رنا بدري سلوم
لم يقف ارتفاع درجات الحرارة عائقاً أمام فرحتهم في ممارسة طقوس عيد الأضحى المبارك، فمنذ الساعات الأولى، ذهب الأطفال برفقة ذويهم إلى صلاة العيد، ثم توجّهوا إلى الحدائق المخصّصة للعب، ركبوا الأراجيح وحملوا في أيديهم غزل البنات الملوّنة، فرحين بملابس العيد والتي رغم الضائقة الاقتصادية يجد الأهالي مخرجاً من مأزق طلبات أطفالهم في العيد من ملابس وحلوى ومصروف الألعاب والهدايا.
هكذا اعتاد مجتمعنا السوري أن يتكاتف ويتعاضد رغم كل الظروف، الكثير من المحال التجاريّة فتحت باب الاستدانة ليتسنى للأهالي شراء الملابس للأطفال، ومبادرات أخرى للأيادي البيضاء لإهداء المارّة من الأطفال أكياساً من حبّات الحلوى الملوّنة، هكذا اعتدنا على الفرح، في عيد الأضحى اليوم تجد المضحّين يوزّعون الصدقات وما تيسّر على المحتاجين الذين يحمدون الله «أننا بخير وفي أوطاننا آمنين»، هي الجملة التي يكرّرها بامتنان كل من يرافق أطفاله إلى الأراجيح، لأنهم لم ينسوا أوجاع أهلنا في غزّة، والدّعاء بالرحمة على ستة عشر ألف طفل استشهدوا جرّاء العدوان الإسرائيلي على قطّاع غزّة، وأطفال يحلمون بالعودة إلى بيوتهم وألعابهم التي أضحت ركاماً، أطفال يحلمون بعودة أمهاتهم وآبائهم وإخوتهم من رماد الموت إلى الحياة، لتعود معهم فرحة العيد وطقوسه..
هي أمنيات مؤلمة عكسها فيديو انتشر مؤخراً لمجموعة أطفال في غزّة وهم يرتدون الملابس الشعبيّة للتراث الفلسطيني ويغنّون «جينا نعيدكم بالعيد.. منسألكم ليش ما في عنا لا أعياد ولا زينة؟».
على الرغم من ذلك كله تبقى أمنيات أطفالنا ككل الأمنيات في قلوب الأطفال حول العالم، وهي الحياة والفرح وبهجة العيد الذي يرنون إليه من العام إلى العام، وينتظرونه بفارغ الصبر، وهو ما يحرص عليه الكبار في رسم الابتسامة على وجوههم بدءاً من الأهالي، مروراً بالحدائق، وصولاً إلى مسارح إحدى عشرة محافظة والتي خصصت مسارحها لتظاهرة «فرح الطفولة» خلال أيام عيد الأضحى المبارك لتقديم رسائل إنسانية تدعو الأطفال للحب والحياة والفرح.
علّ القادم من الأيام يحمل أعياد الانتصارات في غزّة.. وعلى كل شبر من أرضنا الأبيّة التي يعشق أهلها الحياة والفرح، واعتادوا أن يشقّوا من جوف الظلمة إشراقة فجر وابتسامة أمل.
