عمار زينب حسن: الفنُّ شرارة ضوءٍ.. لوعيٍ خاص ونوعي

الثورة- هفاف ميهوب:
كما البريّة لوحته.. تلك البريّة التي احتضنت طفولته، وتركت سرّها في روحه، إلى أن صار ولوحته هذا السرّ..
إنه «عمار زينب حسن».. الفنان والناقد التشكيلي الذي التقيناه وحاورناه، وكان أن سألناه:
– الطبيعة بكلّ فصولها هي لوحتك.. ماسرّ هذا العشق، وهل له علاقة ببدايتك؟!
— هي الرحمُ الأوّل الذي احتضنني، وإن كنت أفضّل كلمة بريّة، ومنها تعلّمت الدرس الأهم، أنها الأم..!
من رائحةِ ترابِ البريّة تعرّفت إلى رائحة طيني الأوّل، وهذا الفهم ينضجُ باستمرار، حتى أني أتلمّسُ أصابعي تراباً، أتلمّسُ جسدي طيناً، تحلّل فيه نسمة ضوءٍ تأخذني لأولد من جديد، ولكن من لونٍ وترابٍ وماء.. أنا لا أرسم بل أتعرّف إلى ذاتي..
– هذا عن الطبيعة «البريّة» التي أطلقتك فناناً، فماذا عنك كناقدٍ تشكيلي أيضاً؟.
–الحياةُ تختار فنانيها، فما نحن إلا أدوات في يدي الحياة للتعبيرعنها، والحياة ترفض الزيف، والحبّ يرفضُ الزيف، والفنّ يرفض الزيف، حتى نتعرّف إلى كلّ هذا ونبلغ الجمال، ينبغي أن نتطابق مع ذواتنا، والصدق هو البداية لإشعال شرارة الوعي والجمال فينا، ربما من كلّ هذا الفهم تشكّلت، واليوم لا أسمّيه نقداً، بل قراءة وتحليلاً للتعرّف إلى اهتزازاتِ الجمال والحبّ والوعي في الأعمال الفنية، ولا أسمّيه فنّاً بل انعكاساً للحال، فكلّ حالٍ بسويّته العليا قد يكون فنّاً..
– الفنان يخاطب العالم بلوحته، بعد أن يخاطبها وتخاطبه.. بماذا تخاطب اللوحة وبماذا تخاطبك؟
— امزجني بك ولوّني.. إنها علاقة داخلية، صلاتٌ بيني وبين طيني الأول، وإذ ما توهّجت ورآها العالم، فهذا جيدٌ ويصبُّ برغبتي، في خدمةِ الجميل والحق..
– كُثرٌ يرون أن الرسم العادي، هو فنٌّ كما الفنّ التشكيلي.. هل توافقهم هذا الرأي؟.
— أرى بأن الرسم أو ما يسمى مجازاً الفنّ، يتجاوز في أغلبِ الأحيان، رسم ما يعرفه الرسام ويفهمه المتلقّي، أو ما يوافق خبرته في الرؤية من مواضيعٍ تعبيريةٍ درامية، كشخصٍ محتجز في صندوق، امرأة تلتف على ذاتها، إلى غير ذلك الكثير، طبيعة، أو حتى بورتريه صامتة..
إذا اعتُبر هذا هو الفن، فحتماً سنراوح في أمكنتنا إلى الأبد، ولن نعرف شيئاً عن المستقبل، ولن نرتقي، أقلّه على المستوى الذاتي، فالفنّ إذا صحت التسمية، هو التعرّف إلى الذات، وتفتّح هذه الذات عبر اهتزازات التعرف إليها، وهنا الوسيط هو الرسم، ومع ارتقاء هذه المعرفة يرتقي الرسم..
الرسم هو الطريقة أو الأداة، أما تطابق الوعي مع الرسم، فهو الانتقال إلى سويّةٍ من سويّات المعرفة، إلى استحقاق وعيٍ وغبطة، وحتى لو لم نسمّه فنّاً، لن يتغير شيء.. الأهم، ماذا يغيّر فيك على مستوى الداخل، وإلى أيّ دربٍ يقودك، وإلى أيّ نورٍ وحقيقة يأخذك؟.
الفنّ رؤية تأخذنا إلى الأكثر، وتفتحُ نوافذ الحبّ والوعي على العالم، وأيّ طريقة أو طريق يأخذنا إلى هنا هو محبّة، لأن التعرّف إلى الحياة، هو ما يمنح الحياة والفنّ والمحبة.
الفنّ شرارة ضوءٍ لوعيٍ خاص ونوعي، طريق لثراءِ الحياة، اشتعالُ الحقيقة في العمل حتى يصبح فنياً، حقيقة خاصة تمنح العمل عالماً. الرسم مهما بلغ من الحرفنه، مجرّد محاولة للوصول إلى هنا، فليس كلّ من رسم فنان، ولا كلّ من صاغ لوحة فنان، ولا كلّ من حشد ثلاثة أشخاص في لوحة فنان!.
إنه زمنٌ يعتقد فيه البعض، أن كلّ من لوّث سطحاً أبيض باللون، أو خربش عليه بريشةٍ أصبح فناناً..


– هل ترى أن صفحات التواصل، ساهمت في جعل الفنانين يطّلعون على تجارب الآخرين، ويستفيدون منها؟.
— من المهمّ في الفن أن نتعرّف على تجارب الآخرين، وأن نواكب حراكها بكلّ ما للكلمة من معنى، لكن ليس لننسخها أو تنسخنا، بل للاطّلاع عليها ومعرفة أين نحن وأين هم.. وأين عناصر الاختلاف بين هنا وهناك؟.. الأهم هنا، التركيز على عناصر الاختلاف والتشابه، في الخصوصيات الفردية والمجتمعية، واللوحة التي لا تحقّق هذا الاختلاف والخصوصية، هي لوحة مأزومة روحياً ونفسياً ووجودياً..
ببساطة، هناك فرق بين أن يمتلك الفنان التقنيات التعبيرية الجديدة، وبين أن تمتلكه.. بين أن تجرفه المعاصرة قبل أن يفهمها، وبين أن يروّضها ويجعلها لخدمة تجدّده وانبعاثات روحه..
– ما رأيك بالمشهد التشكيلي السوري، في ظلّ مانراه من كثافة المعارض، وكثرة أعداد الفنانين؟.
— وكأن المشهد التشكيلي السوري ناضج كفاية، حتى نطلق عليه توصيف مشهد أو محترفاً، حتى أننا لسنا متّفقين على كلمة سوري بخصائص فنية محددة، كما الفنّ الفرعوني مثلاً، ولو أردت المماحكة والدقّة، لطلبت منك أن تحدّدي وتشرحي لي الكلمات الثلاث، مشهد وتشكيلي وسوري.
الفنّ هو إنساني، خاضع لتجاربٍ ومعارفٍ وخبرات محدّدة، لمجموعةٍ محدّدة في مكانٍ وتاريخٍ محدَّدين، وبالتالي يمكن الحديث عن مشهدٍ بتوصيفٍ محدّد، ولكن الفنّ غيرهذا، هو خروج عن الذهنيات، وما سبق وينبغي أن يكون كذلك من وجهة نظري، لكن توظيف الفنّ لإيصالِ رسائلٍ محدّدة، هو أمرٌ إعلاني وإعلامي ولست ضدّه بالشكلِ الإيجابي، لأننا عندما نرسم ما نعرفه، نكون نرسم الخبرات أو نستعيدها ونكرّرها عبر الرسم.. الفنّ هو أداة للتعرّف إلى الذات، كما كلّ الأدوات الفنية والأدبية واللاهوتية، وحتى أشكال العطاء والخدمة الإنسانية.. قليلون هم الفنانون السوريون المؤثرون، وحتى هؤلاء غير مفهومين ومعروفين كفاية، البعض من هؤلاء وصل إلى استحقاقٍ متقدّم، في معرفةِ النوروالجمال والتراب والسماء، لكن لم نجد بعد من يقدّمهم بشكلٍ صحيح، ولأننا لا نرى إلا من خلال ما نسمع، تضيع هذه الاستنارات على محدوديتها..

آخر الأخبار
حوار جامع ومتعدد أرباحه 400%.. الفطر المحاري زراعة بسيطة تؤسس لمشروع بتكاليف منخفضة المحاصيل المروية في القنيطرة تأثرت بسبب نقص المياه الجوفية الخبير محمد لـ"الثورة": قياس أثر القانون على المواطن أولاً قوات الآندوف تقدم خمس محولات كهربائية لآبار القنيطرة إحصاء أضرار المزروعات بطرطوس.. وبرنامج وصل الكهرباء للزراعات المحمية تنسيق بين "الزراعة والكهرباء" بطرطوس لوقاية الزراعة المحمية من الصقيع ٥٥ ألف مريض في مستشفى اللاذقية الدوريات الأوروبية الإنتر وبرشلونة في الصدارة.. وويستهام يقدم هدية لليفر روبليف يُحلّق في الدوحة .. وأندرييفا بطلة دبي مركز متأخر لمضربنا في التصفيات الآسيوية هند ظاظا بطلة مهرجان النصر لكرة الطاولة القطيفة بطل ودية النصر للكرة الطائرة مقترحات لأهالي درعا لمؤتمر الحوار الوطني السوري "أنتم معنا".. جدارية بدرعا للمغيبين قسراً في معتقلات النظام البائد جيني اسبر بين "السبع" و"ليالي روكسي" هل نشهد ثنائية جديدة بين سلوت (ليفربول) وغوارديولا (مان سيتي)؟ مواجهة مرتقبة اليوم بين صلاح ومرموش تعادل إيجابي بين الأهلي والزمالك دراما البطولات (التجميلية)