الثورة – ديب علي حسن:
في موكب الرحيل الصمت رحيل بل بلاغة بلهاء تموت فيها كل المفردات حين تكتب أو تضمر ..فلا شمس الأحياء تدفء الموتى ولا الحزن يعيدهم ولا شيء لا شيء إلا أن نقول إنه القدر المحتوم ونتساءل:
هل علينا كل يوم أن نكتب بحبر الحزن نعي زميل يفرد جناحيه في عوالم الحزن ويمضي ..؟
عبد المعين زيتون السوري الأصيل ابن البحر والجبل ابن جبلة وحمص والقصير وكل بقعة سورية..
حين حمل هموم الأرض كلها ومعه حبر الألم من حمص إلى دمشق مهجراً كان التعارف.. شاب أنيق يكتب بروية وهدوء تظنه دبلوماسيا ينسج حبال المحبة في كل مكان.
في الدائرة الثقافية حيث الزملاء جميعاً يداً بيد كان واحداً منهم يحضر باكراً نتناقش كثيراً..
ذات يوم قلت له ممازحاً: أنا وإياك انتماؤنا للبحر .. ضحك الزميل وقال: نعم جذوري من البحر ولكني حمصي المكان .. جذوري في كل بقعة سورية .
أنا من حمص من القصير ويؤويني بيت في قمم الجبال في بلدة منين أعلى ريف دمشق القلمون.
يكتب الشعر ويمضي متابعاً المشهد الثقافي ببراعة ورؤية نقدية.
عبد المعين زيتون القلم النبيل الذي تفاعل مع كل حدث ثقافي استطاع أن يصل إليه.
اليوم نكتب في رحيلك وقبل ذلك في رحيل آخرين..
كم وددت ألا أكتب في رحيل أحد أبداً.
لكن لا استطيع أن أقرأ نعياً وأنا أرى حبر الحياة يعطر سيرة من يمضي..
اتسع العالم وضاق علينا ضاق بنا لكننا استطعنا بجراحنا بعطر الأمل أن نتجاوز الكثير ..
كلنا كما كتبت ذات يوم محكومون بالرحيل حبل الوجود قد يطول أو يقصر ..تضيق المسافة أو تتسع لا يهم ..ما يهم أن قلوبنا اتسعت للكون كله .. مضيت وأنت تحلم والحلم قد يفر منك ومنا لكننا نزرع جذوره في قلوب أجيال علينا أن نقول لها فعلاً إننا عملنا ما استطعنا أن نقيكم عوائل الزمن..
بعد أن قرأت خبر رحيلك عدت إلى صفحتك على الشابكة لأقرأ ما كتبته أنت ذات يوم إذ تقول: من قلبي .. سؤال..
لهذا الحب الشريد
من السراب، إلى الماء
من النبض، سؤال أخير ؟
هذا الحلم، الوميض
يتراءى أملاً، يخيب ..
يتقدم خريف العمر
مكتظاً هذا المغيب ..
يقفز كل شيء .. راقصاً
حتى السؤال ينط كصبي
على صدري وليس يجيب!..