من يتابع مشاهد الأيام الماضية التي تسبق الانتخابات النيابية لأعضاء مجلس الشعب التي ستنطلق يوم غد … لابد أنه سيقع في حيرة من أمره وهو يتابع شريطاً من المشكلات المتراكمة لوعود كانت تُقدم على أطباق من الفضة والذهب قبل أربع سنوات وعود للظفر بحياة سعيدة وتحسن في خدمات الكهرباء والمياه والحياة المعيشية والتعليم والصحة وغيرها ….
شريط الذكريات هذا يحمل الكثير من الحسرات والنفحات لأولئك الشباب الذي أغلبهم لم يجد مكاناً له في فرص العمل أو متابعة مقاعد الدراسة أو الحصول على حياة كريمة ..فالأحلام اليوم لدى الأغلبية من مختلف الشرائح تختصر بالجري وراء باص النقل الداخلي للظفر بمقعد للجلوس أو بالوصول إلى كوة الفرن للحصول على ربطة الخبز وسط طوابير لا تنتهي من المنتظرين. والذي بات الفوز بها أشبه بالترف اليومي.
مخاوف من تكرر الوعود والأحلام السعيدة على الرغم مما تحمله لافتات المرشحين من عبارات وشعارات رنانة … مخاوف من أن يكون مصيرهم مع مرشحي اليوم مشابهاً لمصيرهم مع مرشحي الأمس الذين انتخبهم الشعب ليكون صوته تحت قبة المجلس.
ربما مخاوف اليوم لا تقلل أهمية عن أحلام الأمس، وما حدث طوال السنوات الماضية مع الأعضاء المنتخبين في المرة الماضية فالقوائم اليوم تحمل أسماء مهمة وأغلبها يتحدث عن عودة الحياة الكريمة إلى المواطن وعن انتعاش الصناعة والتجارة والزراعة وو إلخ
وبين تراكم الأوهام نجد كيف تبنى الحملات الانتخابية وسط الخيام الفخمة والضيافات الفاخرة والإعلام المساند والمروج لهذه الحملات، وخاصة أن الكثير من المرشحين لهذه الحملة الانتخابية هم من المشاركين في القرارات السابقة ومن الصناع والتجار ولهم دور في الوضع المعيشي المتراجع للكثير من الأسر السورية. والأكثر من ذلك فإن حفلات الاستقبال والتحضير للعرس الانتخابي ليس أكثر من جلسات للمجاملة والتعارف والضيافة وأبعد ما تكون في شكلها ومضمونها عن الحديث حول الآليات التي سيعملون عليها لتحقيق شعاراتهم الانتخابية. ولعل الإناء ينضح بما فيه .. وهناك حاجة كبيرة للمواطن بأن يتريث في تقديمه صوته الانتخابي.
لعل التناقض الكبير بين ما يحدث داخل قاعات الاحتفالات الفاخرة وما هو موجود في شوارع دمشق وريفها من نقص كبير بالخدمات واحتياجات الناس يجب أن يكون جرس إنذار لنا جميعاً، فلا يمكننا أن نتجاهل حالة التراجع للكثير من الجوانب الحياتية للناس واحتياجاتهم، ما يستدعي التأني في اختيار المرشحين وتقديم أصواتنا لمن هم جديرون بها.
السابق