تفرد دمشق بمسؤولية وطنية عليا خرائطها السياسية والدبلوماسية، التي لم تتغير ارتساماتها وإحداثيات بوصلتها، على طاولة أي تقاربات مزمعة مع تركيا، انطلاقاً من مبادئها الراسخة بصون وحدة جغرافيتها الوطنية، كما فردت باستراتيجية صائبة خرائطها العسكرية التي حققت انتصارات على طاولات الميدان.
فالمواقف السورية ليست ضبابية أو حمالة أوجه أو ينتابها غموض في ما يتعلق بأي تقاربات مع الجانب التركي، بل كانت على الدوام شديدة الوضوح بارتكازاتها وأسسها ومتطلبات إنجازها المتمثلة بإنهاء الاحتلال التركي، وسحب القوات التركية من الشمال السوري ووقف دعم التنظيمات الإرهابية.
هذه الاستراتيجية السورية المرتكزة على الثوابت الوطنية تستند على القانون الدولي الذي يمنع التعديات على سيادة الدول، ويكفل حقوقها المشروعة بالدفاع عن وحدة أراضيها، والثوابت التي قبضت على جمراتها لم تتغير بقيت ذاتها منذ الأيام الأولى للحرب الإرهابية الشرسة التي تعرض لها السوريون لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن عودة أي علاقات مع تركيا التي عكرت بتعدياتها وانتهاكاتها مياه العلاقات الطبيعية.
وانطلاقاً من قاعدة المقدمات الصحيحة تؤدي إلى نتائج إيجابية فإن أي تفاهمات أو طروحات يطرحها الطرف التركي يجب أن تقوم على إزالة كل التعديات والانتهاكات التركية على الأراضي السورية أولاً لإثبات حسن النيات ومصداقية الطروحاتْ وإلا فأي تقارب سياسي على المدى المنظور لا يمكن أن يحدث ما لم نشهد انزياحاً كاملاً للتنظيمات الإرهابية المعومة تركياً عن المشهد الشمالي واحترام سيادة الدولة السورية على أراضيها، هذا هو منطلق أي حلول ناجعة.
الطريق التركي إلى دمشق معبد بإثبات صدق النيات عبر تنفيذ إجراءات عملية ملموسة على الأرض كمتطلبات أساسية وحاسمة للوصول لتفاهمات إيجابية بعيداً عن الفقاعات الإعلامية.
ونتائج أي لقاءات سياسية مع الجانب التركي منوطة بوقف الاعتداءات والإقرار بحتمية التنسيق مع دمشق من بوابة ثوابتها وسيادتها على خريطتها الوطنية لضمان وتوطيد الأمن المستدام.
ثمة مساحة أمام تركيا لإعادة ترتيب ما بعثرته رياح انخراطها بالحرب على السوريين وتعدياتها من أوراق العلاقات الطبيعية بين دول الجوار، فهل ستجيد أنقرة هذه المرة القراءة بعيون المعطيات والحقائق أن بوابة الأمن المستدام مفاتيحها دمشقية.