ثمة تداعيات تحكم تفكيري هذه الأيام التي تلت انتخابات مجلس الشعب وما رافقها من أحاديث و أقاويل كثيرة، لم تتوقف عند سيطرة المال السياسي أو تأثير المرجعيات الدينية والاجتماعية والقبلية والعشائرية وغيرها من المؤثرات الاجتماعية والسياسية وغيرها، فعلى الرغم من استمرار هذه الظواهر الانتخابية في كلّ مرحلة إلا أن بروزها أو تراجعها يختلف ما بين جولة وأخرى، وهذا ما يطبع كلّ دورة انتخابية بصفة خاصة تلازمها وتميزها. ففي هذه الدورة البرلمانية قادتني الظروف لأعيش يوميات انتخابية لأكثر من شهر، بكثيرمن المشاركة والمتابعة وعيش يومياتها على امتداد حوران كلها، متنقلاً ما بين مدنها وقراها، ومجالساً أهلها في بيوتهم ومضافاتهم وساحات بلداتهم في امتداد ساعات النهار وطويلاً من الليالي الجميلة، إذ لم يكن غياب الكهرباء يشكل مانعاً أو يحول دون لقاء حميمي في ليل سمر صيفي، يتناول فيه الحاضرون مشكلاتهم ويطرحون أشكالاً لحلول يرونها وفق دراساتهم ومعارفهم وتجاربهم الطويلة. وبغض النظر عن المواقف الانتخابية التي تحكم الولاء لمرشح دون غيره وفقاً لمعايير تقليدية، فإن ممارسات ومواقف واضحة نأت بذاتها عن كلّ المعايير التقليدية لتنظر إلى المستقبل برؤى حضارية تتجه لاختيار الشخص الفاعل صاحب التاريخ المعروف والذي يمتلك حضوراً اجتماعياً فاعلاً بشهادة مجموعات كبيرة من قرى وبلدات المحافظة، فكان المتحدثون والداعمون يترفعون عن المواقف الاجتماعية والجهوية ويعلنون تأييدهم للشخص صاحب الكفاءة، ومن سبق له تقديم الخدمات لأهله وثباته على ذلك في كلّ الظروف. وكان يتم الإعلان عن تلك المواقف من خلال التجمعات الكبيرة التي تستقبل المرشح ومرافقيه والشروع بالحديث عن مزاياه قبل أن يقدّم نفسه، إضافة إلى ما كان يقدّمه الكثيرون من الحلوى والفواكه والعصائر الغالية والكثيرة إسهاماً وترحيباً وتأكيداً على صدقية الوعد، حتى وإن كان ذلك جزءا من سلوك الحوارنة وطباعهم، فهم هنا يبالغون في تقديمها لضيوفهم القادمين كعنوان محبة وتعاطف وتأييد مطلق. وهو ما أظهرته النتائج في صناديق الانتخابات، وهي مقدمات إيجابية يمكن البناء عليها في قادمات الأيام.
