ما يثلج القلب حقًا هذا التحدي الكبير الذي نتلمسه عند مثقفي وأدباء وفناني بلدنا على اختلاف اختصاصاتهم سواء في الشعر أم الرواية وفي المسرح والدراما والسينما، وحتى في فنون الرسم والنحت، ويتضح ذلك من خلال تلك الفعاليات التي تنتشر في غير بقعة من المحافظات كافة، ما يؤكد أهمية دور المثقف والفنان في نشر مفهوم الثقافة بمعناها الواسع ودور هذه الثقافة أيضًا في بث الوعي وتعزيز الانتماء والنهضة بالمجتمع في مختلف مناحيه الفكرية والاجتماعية والفنية والتراثية.
ومن يتابع هذه الأنشطة والفعاليات وهذا الحضور اللافت وخصوصًا في المهرجانات الدورية التي تعنى بتكريس تراثنا العريق وتعريف الأجيال على حضارتهم في محاولة لبناء جسر بين الماضي والحاضر، يدرك ويثمن عالياً الجهود التي تبذل في تقديم صورة مشرقة عن ثرائنا الثقافي والاجتماعي والفكري الغني بقيم المحبة والتسامح والإيثار، ما ينعكس إيجابًا في خلق هذا الانسجام والتناغم بين أفراد المجتمع على اختلاف شرائحه، والذي يعد الأساس في المحافظة على قوة الأوطان وبقائها.
ناهيك عن المشاركات العربية والدولية إن كان على صعيد السينما وحتى الرياضة وفي المؤتمرات العلمية التي باتت أنموذجًا يحتذى في التميز والتفرد والإبداع.
وبالطبع ليس جديدًا ما نلفت إليه، ولكن عندما يأتي هذا التألق في ظروف ضاغطة من تبعات حرب كانت الأشد وحشية، وحصار اقتصادي خانق، ورغم ذلك يخرج المواطن السوري ليعلن انتصاره على كل ذلك، استحق أن نرفع له القبعة ونشد على يديه بالدعم والسعي ما أمكن لتوفير بيئة حاضنة لهذه الإنجازات التي نفخر ونباهي بها في المنابر كافة، المحلية منها والعربية والدولية.
وما أحوجنا اليوم وأكثر من أي زمن مضى إلى الوعي والثقافة التي تشكل قارب نجاة وجسرًا نحو المستقبل، وإلى ذاك التناغم القيمي الذي يتمثل بالسلوك الحضاري المبني على المحبة وقبول الآخر.
فالوطن يستحق وتليق به هامات تطال في شموخها عنان السماء.

السابق
التالي