رفاه الدروبي
لفتت الدكتورة آداب عبد الهادي الأنظار إليها خلال الأمسيات الأدبية كونها تُقدِّم شرحاً وافياً أثناء الدراسة النقدية، وتُفنِّد المطبوع الحديث الولادة وتحلُّله، عندما تبدأ من دفَّتي الكتاب وصولاً إلى الفهرس، وتتناوله شفهياً بكلِّ دقة وإمعان دون أن تُدوِّن أناملها الملاحظات على الورق، فتذكر الأخطاء، ورقم الصفحات الموجودة في الكتاب، وكثيراً ما نراها تغوص في حيثياته، وأفكاره وتنتقد بجرأة اعتادت عليها منابر المراكز الثقافية.
من تكون؟
الدكتورة آداب عبد الهادي كاتبة وناقدة ومحاضرة ومعالجة نفسية، حاصلة على دكتوراة في علم النفس- العلاج السلوكي المعرفي، وماجستير في الدراسات السكانيَّة، ترأست العديد من المجلات والجرائد المحلية، وحالياً رئيس تحرير جريدة «نبض الشارع» الورقيَّة، شاركت بالعديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية، إعداداً وتقديماً لها مقالات ودراسات نقديَّة في الرواية العربية والسورية، كتبت العديد من السيناريوهات التلفزيونية، منها: «شي بيجنن كوميدي، عناق الدم- تاريخي، العرش- تاريخي، الشيطانة والفجر»، إضافة إلى روايات ودراسات مثل: «ثنائية الموت والحياة، قضايا خاصة بالمرأة، وتوثيق بديع صقور عند شغاف قلوبهم».
البدايات
الدكتورة عبد الهادي بدأت الكتابة في سنٍّ مبكرة، وكان للمدرسة والمسابقات في منظمة شبيبة الثورة دورٌ كبيرٌ في تحفيزها، إذ شاركت حينها في جريدة المسيرة التابعة لها، بينما الجهد الأكبر في دعمها وتشجيعها وتوجيهها منذ صغرها نحو الرواية، قراءةً وكتابةً، كان لوالدها الراحل الأديب والشاعر إبراهيم عبد الهادي، وكتبت أثناء المدرسة الروايات العديدة، ولاتزال إلى الآن مخطوطة لم تتجرأ على طباعة أيٍّ منها، نظراً لأنَّ الكتابة والطباعة مسؤولية كبيرة لا يجوز أن نلقي أيَّ إنتاج بوجه القارئ لمجرد أنّنا نريد طباعة كتاباتنا، لذلك بقيت حبيسة الأدراج إلا عندما تتأكَّد بأنَّ ما ستقدِّمه يُعدّ مقبولاً لدى القارئ، أو على الأقل يجد فيه شيئاً من المنفعة والمتعة لأنَّ الأدب عندما يخلو من هاتين السمتين لا يكون هادفاً.
روايات عن فلسطين وسورية
وأشارت الدكتورة عبد الهادي إلى أنَّ أوَّل مطبوعة صادرة لها كانت رواية عنوانها: «إبراهيم عام ٢٠٠٠» تحدَّثت فيها عن تجربة والدها الإبداعيَّة، وتحدِّيه للكثير من الظروف، وإصراره على الإبداع في وقت كان الجهل فيه مسيطراً على الكثير من العقول في النصف الأول من القرن الماضي، وبعدها قدَّمت كتاباً عبارة عن دراسات بعنوان: «قضايا خاصة بالمرأة»، تناولت فيها مشاركة المرأة السورية بالحياة الاقتصادية والاجتماعية في القرن الماضي، وبعض القضايا الأخرى المتعلقة بها، وكانت إصداراتها التالية عدداً من الروايات منها: «اِمرأة من خزف 2004» تحدَّثت فيها عن ألم الاغتصاب.. اغتصاب الروح والجسد والأرض، وقصدت بها فلسطين المحتلة، ثم قدَّمت رواية بعنوان: «مشبوه ممباسا عام ٢٠٠٨»، تحدَّثت فيها عن حركات التحرُّر العربية والعالمية في النصف الأول من القرن الماضي من خلال شخصية مناضل سوري ساهم في الحركات عينها، وقصدت المناضل أحمد أبو سعدة، مهديةً الرواية له، وتلاها كتاب دراسات بعنوان «ثنائية الموت والحياة» ، ومسرحية بعنوان «شاهد عيان» وكانت أوَّل عمل أدبي يتناول بداية الأزمة السورية، ثم كتبت بعد شهرين من اندلاع الأحداث المؤلمة المُتعرِّض لها بلدنا، ووضعت تصوراً لمجريات الأحداث؛ لكن مع الأسف حدثت التصورات الأليمة نفسها. أما آخر رواية نسجتها فكانت بعنوان: «الصقيع»، تناولت الأزمة السورية وأتبعتها بنشر رواية بعنوان «كوثر حياة امرأة».
علم النفس ودوره
وعن واقع دراستها لعلم النفس لفتت إلى الأثر الكبير في صقل موهبتها سواء بالكتابة الروائية أم النقدية، باعتبار أنَّ علم النفس يُركِّز على دراسة السلوك الإنساني، وكل إنتاج إبداعي يكون نتيجة للسلوك ذاته، وأصبح بمقدورها فهم أنماط الشخصيات، وأبعادها، والغوص في أعماقها، وتحليلها وتصوير مايعتمل بداخلها أي رسمها من الداخل والخارج، كذلك رسم سلوكها بشكل منطقي مقبول، فرسمت أوَّل طريقها بالنقد عندما فهمت طبيعة النص، والاتجاهات الأدبية، واطلعت على ما يطرح في الساحة الثقافية، وقارنت بين النتاجات، حتى كوَّنت لديها الخلفية العلمية، وأصبحت قادرة على مزاولة النقد بشكل منطقي بعيداً عن العاطفة والمجاملات، لأنَّه مسؤولية؛ وسوء النقد العربي أدّى إلى ما انتشر من نتاجات غثة باهتة أضاع فيها الشعر بوصلته والرواية اتجاهها، ومسخت القصة لتصبح ومضة. خاتمة حديثها بأنَّ النقد مرتبط بالرواية والبحث؛ ولا يقتصر على إظهار الجوانب الضعيفة في العمل كما يبدو شائعاً بل البحث عن جماليات النص وخفاياه وتوضيحه للقارئ، مايساعد المبدع، ويدفعه لتحسين إنتاجه؛ مُعتبرةً المجاملة فيه على حساب النص خيانة لأنَّه بذلك يساهم في انتشار الرداءة.
