رشا سلوم:
قد لا يعرف الكثيرون هذا الاسم وما لا نعرفه لا يعني أنه ليس موجودا إنما الظهور في المشهد الإبداعي ليس كما يحلو لنا ونريد.
كثيرون لا يملكون ألف باء الفعل هذا يروجون ويقدمون أنفسهم على أنهم المبدعون في مثل هذا الصخب من الطبيعي أن ينسحب المبدع الأصيل ويتريث قليلا ريثما تهدأ الحال وهو على ثقة أن إبداعه سيكون سيد الموقف.
آمنة بدر الدين الحلبي الشاعرة السورية واحدة من هؤلاء ..
حين سألناها من أنت ..؟
أجابت: أنا بنت بوابة الشمس سورية أنا حفيدة زنوبيا وجوليا دمنة أنا حفيدة مي زيادة وكل امرأة سورية.
أنا من بساتين العاصي ولوز حمص وفستق حلب وأبجدية أوغاريت وشموخ تدمر وعطر الشام وبيارات الساحل..
أنا من قمح الجزيرة السورية ومن قمح حوران وعنفوان جبل الشيخ.
أنا سورية أنتمي لكل الجغرافيا السورية ولكل بيت .
خريجة فنون تشكيلية أخذتني الحياة بعيدا عن أرض الوطن في مهام عمل هي من أجله.
اختزنت حكايا الجدات والأمهات وقبست من نور الآباء وشعلت النضال .
توزعت بين العمل الإداري والفن التشكيلي والشعر والصحافة ..
ولكن الصحافة هي التي أخذتني أكثر لاسيما في الموضوعات الاجتماعية لأنني أشعر أن مهمة البحث فيما وراء الأكمة ضرورة لمعرفة الكثير من أسباب تخلفنا الاجتماعي في الكثير من الأمور.
س.وماذا عن الشعر..؟
ج: الشعر فسحة أمل ..عبق روح قدرة على التحليق ذهاب وراء الأفق..إنها ميتافيزيقا النفس الإنسانية.
ذات يوم قال نزار قباني : لو لم يكن الحب موجودا لاخترعناه أنقل هذا القول الى معنى آخر؛ لو لم يكن الشعر موجودا لكنا اخترعناه.
ألم يقل القدماء : كان الشعر مهنة بل صنعة العرب ..
حقيقة أنا مقلة في النشر لأني كما قلت أميل إلى العمل الصحفي الآن أكثر لأسباب الحياة.
س : وماذا عن الغربة ؟
سورية في حلي وترحالي أجمل نبض شوارعها حفيف أشجارها خوخها رمانها بردى وقاسيون .كل عام أزورها لأجدد خلايا الدم ولتكتبني هي قصيدة ما بعدها قصيدة.
سورية ستبقى عمود الأرض الممتد من الأرض إلى السماء..
في هذا الخريف أخطط لزيارتها وإنجاز بعض الأعمال الشعرية ونشرها.
من بوحها نقتطف :
همسات..
همساتٌ تشبه النسمات
سكنت في كل الأعماق
استوطنت حروفها في مفاصل الزمن
هطل مطرها على مساحة جسدي
غسلت لوني الرمادي
عطرت شوكي الوردي
تمردت على العصيان
كسرت سيف السجان
زحفت على غابات النسيان
في قارة ثلجية
زرعت زهر الاقحوان
اشتعلت
هدأت
استراحت
في كينونة آدمية
وطلت وراء الجدران
همساتٌ لا أعرف كنهها
ابتعدتُ كطفلةٍ عنها
مليئة بزئبق وردي
عانقت قنديلي الزيتي
احتضنت جزءا أبدي
عامرة بجنون الحب
وشوك الحب
مرصودة بهس القلب
متّقدة كشفافية الماس
عصفت بذاكرة الإحساس
انعتقت من هذا التوحد
وايقنت ان معبد الحب
يعجُّ بزهر الياسمين وايقونة فسيفسائية
ولغة جاهلية
ولوحة سوريالية
تزدان باحجار الياقوت والعقيق
وكل الكلمات المسحورة
في هذا المكان
لا تخرج من وراء الجدران
همساتٌ أيقظت النسيان
تلاشت مسحت الأحزان
عمر الحزن
بعمق البحر
قبلة الموج
أعماق على شفاه الشطآن
الشفاه المرجانية
هربت من كل الحيتان
انعتقت من هذا المجهول
في كل مكان
همساتٌ لا تعرف المستحيل
دخلت في سراديب النيران
بكل الأشكال والألوان
أوقدت شوق الليلك
وسكنت وراء الجدران
همساتٌ كنجمة نيسان
أضاءت شوارع النسيان
والانسيان
أوقدت حب الإنسان
حبٌ جنوني
لا يعرف التوقف
عند نهاية المكان
رسم على شفتيه
كل ورود الشام
قطفها من حقول الفل والريحان
وزرعها يا سمينا داخل الجدران