كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن غزو الذكاء الاصطناعي وتقنياته المتقدمة والقادرة على صياغة معلومات وأبحاث في المجالات العلمية والإنسانية كلها، ولا يحتاج الأمر أكثر من أمر يوجه له حتى يوافيك بما تريد، وبالطبع لا يختلف اثنان أنه يستطيع أن يكتب لك تاريخاً كاملاً وبزمن قياسي وربما يرفق ويدعم معلوماته بأرشيف من الصور ومقاطع” الفيديو” التي لا تمت للحقيقة بصلة.
وهذا بالطبع وفي ظل تطور التكنولوجيا المتسارع يضع تاريخ الشعوب والأمم في دائرة الخطر، إن كان تشويهاً أو طمساً للحقائق أو في كثير من الأحيان هناك محاولات حثيثة للقضاء على هوية الشعوب واستهداف معالمها وثقافتها وحضارتها.
ومن هنا تأتي أهمية التأريخ الشفوي الذي يعتمد على الذاكرة التاريخية لأشخاص عاصروا أحداثاً هامة أو كانوا الأقرب إلى الحدث ويستطيعون توثيق أهم الوقائع عبر مقابلات شخصية تحمل في طياتها الكثير إضافة إلى المعلومة الموثقة من المشاعر والأفكار التي تفتقد إليها الكتب التاريخية.
ويأتي اعتماد منظمة اليونيسكو للثقافة والفنون التأريخ الشفوي كمصدر تاريخي ومنهج للتوثيق، تأكيداً على أهميته للحفاظ على الذاكرة التاريخية وفي الآن نفسه هو تكريس لثقافة الشعوب الوطنية.
وتعد مشاركة مؤسسة” وثيقة وطن” وعدد من المؤسسات الثقافية في المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي المزمع عقده الاثنين القادم في سلطنة عمان خطوة هامة لتسليط الضوء على أهمية هذا النوع من التأريخ لحفظ ذاكرتنا التاريخية والاستفادة من تجارب الآخرين، فمن الأهمية بمكان تكاتف الجهود وتعاضدها لمواجهة تحديات العصر وتقنياته المدمرة التي تأتي على الحجر والبشر في آن معاً.

السابق
التالي