أ. د. جورج جبور:
لا أدري مدى حضور الإعلام الأندونيسي في محيطنا السوري خاصة والعربي عامة. إلا أن المنطق السليم يوجب علينا أن نحتفي معه حيثما كان بالذكرى السبعين لمؤتمر باندونغ، أول مؤتمر آسيوي- إفريقي أعلنت فيه دول قارتي الجنوب أنها جلست في مقعد القيادة حين أعلنت فكرة نهرو وسوكارنو وعبد الناصر عن اعتزامهم عقد مؤتمر لدول آسيا وإفربقيا، قال غربستاني عنصري: هل يعرف هؤلاء المتخلفون كيفية عقد المؤتمرات؟ سوف يكون مؤتمرهم حفلة شاي فوضوية.
شهدت باندونغ ما سأحتفل بذكراه السبعين بعد بضعة أشهر، إلى جانب مئات الملايين في قارات العالم الخمس. في ربيع 1955 كانت ولادة عالم جديد.
وما لبث العالم الجديد أن تناسل في عام 1960, متكئاً على إفرو آسيا، أطلق خروشوف، الزعيم السوفييتي، نداءه إلى قادة العالم للقاء في نيويورك. لبيت الدعوة خرحت الأمم المتحدة بالقرار 1514 القاضي بإعلان منح الاستقلال لكافة شعوب العالم. كان ذلك بداية طوفان انتهى بالأقصى.
وبين 1960 وأمريكا منعزلة في الأقلية، وهي في عقر دارها بمبنى الأمم المتحدة بنيويورك، وبين 2001 نيف وأربعون عاماً وأمريكا تصارع بالرصاص لكي تخرج من العزلة.
لم تنجح.. اعتقلتها دربان.. حكمت عليها دربان.. بالحرمان من الاشتراك في أكبر مؤتمر شهده العالم حتى الآن وهو مؤتمر مناهضة العنصرية.
كانت باندونغ قبضة قوية ضد الاستعمار التقليدي، أتت نيويورك – القرار – 1514 قبضة قوية ضد احتكار الأمم المتحدة، ثم ها هي دربان تطل براسها من محكمة العدل الدولية في لاهاي، تطل به شامخاً يقول: ما تشهده فلسطين منذ 1917, إنما هو تجربة عنصرية مكتملة الأوصاف. أكتب ونحن في أواخر تشرين أول 2024. فلنستعد منذ اليوم لكي نهتف معاً كما تستمر هاتفة جماهير بلاد الشام منذ أيام لحنة كينغ — كرين:” يسقط وعد بلفور”. وتعلم هذه الجماهير أن طوفان الأقصى حمل هتافها إلى قلب عواصم المتآمرين مع بلفور على هوية الشعب الفلسطيني.
في 15 آذار 1996 كان كلينتون، الرئيس الأمريكي، في “إسرائيل”. استمع إلى من شكا من المقاومة، معتبراً إياها إرهاباً.. رد كلينتون في قول يصح تذكره من كل من يقيم في أرض مغتصبة. “تكمن جذور الإرهاب في خوف يرافق من يرى أن من يقيم معه يرى نفسه متفوقاً عليه”.
نعم.. طوفان الأقصى هو مسيرة البحث عن المساواة في الكرامة.
*رئيس الرابطة العربية للقانون الدولي ومؤسس الرابطة السورية للأمم المتحدة ورئيسها 18 عاماً