الثورة _ هفاف ميهوب:
«حاصرْ حصاركَ لا مفرُّ/ سقطتْ ذراعكَ فالتقطها/ واضرب عدوّكَ لا مفرُّ/ وسقطتُ قربكَ فالتقطني/ واضربْ عدوّكَ بي/ فأنت الآن حُرُّ حُرٌّ وحُرُّ..قتلاكَ أو جرحاكَ فيكَ ذخيرةٌ/ فاضربْ بها.. اضربْ عدوَّكَ لا مَفَرُّ.. حاصرْ حصاركَ بالجنونِ وبالجنون/ ذهبَ الذين تحبُّهم.. ذهبوا/ فإمَّا أن تكونْ أو لا تكونْ..»..تُشعرنا قصيدة الشاعر الفلسطيني «محمود درويش» هذه، ولاسيما ونحن نراها اليوم تنتشر بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي.. تُشعرنا بمقدارِ غضبِ رواّد هذه الوسائل، ونقمتهم على العدوّ الصهيوني الذي تمادى في إجرامه ووحشيته، ولاسيما في غزّة ـ فلسطين، والجنوب اللبناني.. تشعرنا أيضاً، أن كلّ ما كنّا قد قرأناه من القصائد والروايات المُقاوِمة، قد كُتب لكلّ الأزمان التي يؤكّد أصحاب القضايا المصيرية فيها، أن الأقلام قد تكون أيضاً مُقاتلة،نعم، هذا ما نشعر به كلّما طالعتنا هذه القصيدة، أو غيرها من القصائد المقاتلة، على صفحات التواصل ومواقعه العديدة..
بيد أنها باتت الوسيلة الأسرع والأقدر، على جعل روّاد هذه الصفحات، وبمختلف أعمارهم وانتماءاتهم وثقافتهم، يعبّرون عن رفضهم وإدانتهم للممارساتِ الوحشية التي يقترفها العدوّ المحتلّ، مثلما عن التضامن مع كلّ من يواجهه، ويضع حدّاً لإجرامه وغطرسته..إنها ظاهرة، حوّلت أغلبية الصفحات والمواقع الإلكترونية، حتى الثقافية والاقتصادية والترفيهية، إلى وسيلة إخبارية يتلهّف متابعوها لمعرفة ما يرد بعد «عاجل» الذي يتصدّر منشوراتها..
يتلهّفون لمعرفة الحدث لحظة بلحظة، ولرؤية الصورة التي توثّق ما ترى، وسواء صور القصفِ والتدمير والإباداتِ التي يقوم بها العدو في غزّة والجنوب اللبناني، أو صور المواجهة التي تجسّد استبسالِ رجال المقاومة، دفاعاً عن أرضهم وكرامتها، نعم، لقد باتت وسائل التواصل اليوم، وفي ظلّ ما نشهده من تدميرٍ وقتلٍ وإباداتٍ، يمارسهم العدوّ الإسرائيلي في غزّة و الجنوب.. باتت، ورغم سلبياتها والآراء المتطاحنة على صفحاتها، الوسيلة الأكثر تأثيراً لطالما، قد أرّقت هذا الكيان المجرم، بكثافة ما تعرضه من منشوراتٍ وصورٍ وفيديوهاتٍ، تفضحه بما تقدّمه من حقائقٍ تعرّي ادّعاءاته وتلعنه، ودون أن يتوقف عن التمادي في وحشيّته، ساعياً لتشويه وتزييف وقصفِ، حتى القنوات التي يثق رواد وسائل التواصل بمصداقيتها، ويتداولون أخبارها وصورها، وغير ذلك مما يشي بمقدار إجرامه ويؤكد دمويّته، والجنون الذي انتابه وجعله يُخفي خسائره، ويتستّر على ذلّه وخيبته..كلّ ذلك، يجعلنا نتنقّل من خبرٍ إلى خبر، ومن صورةٍ إلى فيديو يوثّق ما يصادق عليه النظر..نشيح عن الآراءِ الحاقدة والمتصهينة والعدوانية، وندقّق حتى في منشوراتِ أدباءٍ وشعراءٍ وفنانين، بل وأناس عاديين..
ندقّق فنرى الردّ على العدوّ يتّحد ويؤكّد، أن الصحوة ليست محدودة أبداً، وأن الغضب من إجرامه وهمجيّته، قد امتدّ إلى كلّ أنحاء العالم، وجعل الأصوات تعلو وتتكاثر وتدوّي، في مواجهتها له وإدانته.