لم يسبق أن حظيت القضية الفلسطينية بالتأييد الواسع في الشوارع الأوروبية، بقدر ما حظيت به من دعم واسع بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإغراقه في دمار غير مسبوق.
فالخطاب الأوروبي المسوق لحقوق الإنسان سبب حرجاً لدى الحكومات، ومن هنا كان هناك بعض التساهل في تعامل عدد من العواصم الأوروبية بالسماح لبعض المظاهرات بالخروج، لكن السلطات في عدة دول حرصت على أن تكون الشعارات المرافقة لها منضبطة، بما ينسجم مع محاباة تلك الدول للعدو الصهيوني.
وبينما كان الموقف الشعبي الأوروبي بمجمله واضحاً عبر الكثير من المظاهرات المنددة في الشوارع ضدّ انتهاكات حقوق الإنسان والاعتداءات التي ارتكبتها “إسرائيل” ضدّ الفلسطينيين، كان في المقابل موقف الحكومات الأوروبية مختلفاً، فقد رأينا قمعاً من قوات الأمن للمظاهرات لا سيما في دول أوروبية تحت ضغوط لوبيات إسرائيلية.
ورغم أن الدساتير الأوروبية تؤكد على حرية التعبير والرأي، إلا أن المظاهرات مُنعت في كثير من الدول الأوروبية، والسبب في ذلك يعود إلى سياسة الانحياز الأوربي الأعمى للكيان الصهيوني.
لكن تطورات العدوان الصهيوني أثار سخط الشارع ما شكل ضغطاً على الحكومات، ما غير الكثير من المواقف السياسية، فقد حظي اعتراف النرويج وإيرلندا وإسبانيا بالدولة الفلسطينية بردود فعل عالمية وإقليمية متنوعة مرحبة بالخطوة. باعتبارها لحظات تاريخية ينتصر فيها العالم الحر للحق والعدل بعد عقود من الكفاح.
وأمس حاول نتنياهو أن يختبر رأي الشارع الأوروبي في امستردام مستغلاً مباراة كرة القدم، ليصدر أزماته بسبب فشله العسكري في غزة وجنوب لبنان، فأثار الجمهور الأوروبي ضدّ محاولة إسرائيليين حشدهم نتنياهو لتأليب هذا الجمهور ضدّ العرب عامة والفلسطينيين خاصة، تحت شعارات كاذبة وغبية ” معاداة السامية”، فما كان من الأوروبيين إلا أن خذلوه ووقفوا ضدّ هؤلاء، وأيدوا القضية الفلسطينية العادلة، ودعوا إلى إدانة العدوان ومحاسبة قادة العدو في محاكم دولية على إجرامهم.
فهذه التجارة التي أرادها نتنياهو خاسرة وباطلة، ستعود عليه وعلى كيانه بالخسارة والخذلان.