الثورة _ هفاف ميهوب:
منذُ بدأ العدوّ الصهيوني، باستهدافِ لبنان وقبلها فلسطين، وفيضانُ الدّمِ لا يتوقّف عن تخضيبِ القصائدِ المُقاتلة، بكلماتٍ هي روحُ الأوطان ونبض أرضها، مثلما ذاكرتها المسكونة بكلماتٍ، تتّقد غضباً في مواجهةِ عدوّها، وتضيءُ فخراً في محاكاةِ المقاتلين المقاومين:
«شمخْ فإنَّك في الوجودِ مقاومُ/ تجتاحُ مُغتصب الثَّرى وتهاجمُ/ شمخْ سموتَ وما اعتديتَ وإنَّما/ دافعتَ عن وطني وإنَّك حازمُ/ شمخْ فوجهُكَ في الجهادِ مُشعشِعٌ/ بدرٌ بأحضانِ الليالي باسمُ..
الأرضُ أرضُكَ والقُرى ومدائنُ/ وحضارةٌ خلّاقةٌ وعوالمُ/ يا أيّها العملاقُ في ساحِ الوغى/ أغنتْ وجودك قوَّةٌ وعزائمُ/ ما كنتَ إلاّ كامناً مترصِّداً/ جيشَ العدوِّ المعتدي وتهاجمُ/ رفعْ جبينكَ أنتَ وحدَكَ أمَّتي/ والغيرُ في وحلِ العمالةِ عائمُ»..
إنها صرخة ابن «معركة» الجنوب اللبناني.. صرخةُ الإرادة والكرامةِ والعزّة التي أطلقها الشّاعرالمقاوم»وهيب عجمي».. أطلقها باسمِ كلّ مناضلٍ يواجه العدوّ في فلسطين وجنوب لبنان، مثلما باسمِ الشّعرِ الذي يصفعُ بمفرداته الغاضبة، هذاالعدوّوكلّ خائنٍ ومتخاذلٍ جبان:
«هذا الجنوب مقدَّسٌ حجوا لهُ/ هو كعبةٌ بدمِ الشهادةِ قائمُ/ لو كنتُمُ في وحدةٍ لسبقتُمُ/ أمماً غدت بعلومها تتعاظمُ/ وأقولُ للمسخِ المدنِّس أرضنا/ ماكنتَ إلا علّةً تتفاقمُ/ أنتَ اللقيط العنصريُّ ومجرمٌ/ تاريخهُ سفكُ الدِّما وجرائمُ..
يحتلُّ أرض الصابرين بغزَّةٍ/ والعُرب في قتلِ البريء تساهِمُ/ لم يشهد التاريخ منذ بزوغِهِ
ذبحاً وتشريداً ويسكتُ عالمُ/ دكَّ البيوتَ بأهلها فتطايرتْ/ وتناثرتْ بين الرُّكام جماجمُ..
إنها أيضاً، الصرخة التي انطلقت من حنجرةِ الشّاعر التونسي المقاوم «عبد الكريم الخالقي». صاحبُ المبادئ والمواقف الثابتة والراسخة، والمتضامنة مع قضايا العرب، وأولها :قضية فلسطين المصيرية، وقد قال يُحيّيها ومناضليها، ويُحيّي كلّ عربيّ أبيٍّ مقاوم للوحشية الاسرائيلية:
«تحيا فلسطين وتحيا/ أرض العروبة لا الظلامْ/ تحيا المغاربُ والمشارقْ/ حيث الاُباة لا اللّئامْ».
تضامن أيضاً، مع الوطن اللبناني، وقد وصفه متألماً، بعد أن رأى جنوبه يُدمّر وينزف، بسبب همجية العدو الصهيوني:
«لبنانُ فاتنةٌ تدوّن حزنها/.. لبنانُ موجةٌ مكسورةٌ/ خانها البحرُ الغريب/ واستباح حسنها.
لبنانُ يا طفلة الحسنِ الإلهي/ مطعونة في خصرها/ دمها يقطّرُ مزنها/ تبحثُ في عيونِ الصابرين/ على سكينةِ أمنها..
يا ويل قلبي يا شذى/ من دمعها في قلبنا/ يرسمُ بالنزيفِ حزنها».
إنها صورُ المعاناة بكلّ ما تحمله من قساوةٍ وموتٍ ودمارٍ ونزيف وآلام، مثلما صورالتضامن مع الشعوب المقاوِمة، للأعداء والطامعين الحاقدين، صنّاع الموت والدمار والظلام.. صورٌ تبيّن مقدارالانتماء للكرامة والكبرياء، مثلما للكلمةِ الرصاصة في مفعولها.. تماماً ككلمة التشكيلي الفلسطيني «نواف سليمان»، بل وحروف لوحاته التشكيلية التي يسلّحها بأسماءِ المدنِ والشخصيات المقاومة، ومن ثمّ يُطلقها قصيدة تقاتل، دفاعاً عن أرض الجنوب، وأرضه الفلسطينية:
«كم من جنوبٍ صار أعلى عند بابِ الهاوية/ يتوقّف التاريخُ عند مَفارِق الطرقاتِ/ يكتبُ صَفحةً أخرى ويمضي ثم ننسى/ يا أنتَ يا بطلاً نمجّده فيدنوا ثم يعلوا/ ثم يرجعُ من عصورٍ نائية/ بيروتُ، غَزة، غِصةٌ أو عِزةٌ أو ضاحية..
كن خالداً، وابعث لنا ألقَ انبعاثك من جديد/ آن الأوان وكلّ هذا نقلةٌ/ لن تنتهي الا لتبدأ ثانية/ فليس هناك الا أنتَ في زمنِ الحَديد..
لا تنتشي إن أوهمُوكَ بأنهم هُزموا/ لا تحزن طويلاً لا، ولا تفرح كثيراً/ واضربْ بِلائِكََ كُلما صَغُرَ الكلام/ وتجاوز الخذلان والقَول الحَرام/ إن المكيدة ذاتها تاريخُها في لونها/ من ألفِ عامٍ، ألف عام أو يزيد..»..