خميس بن عبيد القطيطي – كاتب من سلطنة عمان:
عندما انطلقت معركة طوفان الأقصى كانت ضربة تاريخية تعرضت لها الصهيونية التي لم تعتد مهاجمتها في قواعدها ومستوطناتها المحتلة وذلك منذ وجد الاحتلال على أرض فلسطين، فهذه الغارة الكبرى في تاريخ الأمة الحديث كان لها ما بعدها، ورغم ما تعرض له الأبرياء في قطاع غزة من عدوان همجي لا أخلاقي استهدف المدنيين من أطفال ونساء شمل الشجر والحجر إلا أن المقاومين كانوا واثقين من النصر.
وهكذا بعد مضي أربعة عشر شهراً من الطوفان لم يستطع العدو الصهيوني إنهاء تلك المعركة لصالحة حسب الاستراتيجيات العسكرية إذ ما زال الأسرى والمحتجزون الصهاينة في قبضة المقاومة، وما زالت المقاومة في قطاع غزة فاعلة في الميدان تواصل استهداف العدو وتكبده خسائر بشكل يومي وما زالت ملحمة الصمود الأسطوري لسكان القطاع مستمرة ولم يستطع العدو تهجير سكان القطاع، ومازال العدو المجرم يتجرع الخسائر ويعيش في حالة أزمة داخلية سياسية عسكرية اقتصادية اجتماعية أمنية انكشفت عورته أمام شعوب العالم الذين خرجوا في مختلف عواصم العالم منددين بتلك الممارسات الإجرامية الصهيونية، والأهم من ذلك حدث تغير مهم في مؤسسات المجتمع الدولي بأن هذا العدو المارق يمارس جريمة حرب ضد الإنسانية وإبادة عرقية في فلسطين ما أدى إلى إصدار مذكرة احتجاز من قبل الجنائية الدولية على مجرمي الحرب الصهاينة النتن- ياهو ووزير حربه جالانت يضع حكومة اليمين الصهيوني المتطرف في حالة موت سياسي بل احتضار للمشروع الصهيوني الذي بدأ يقترب.
حزب الله بدوره كان منذ اليوم الأول الجهة التي تجاوبت مع جبهة طوفان الأقصى فقدم عظيم التضحيات في سبيل نصرة غزة كما انطلقت صواريخ المقاومة من اليمن الشقيق معلنة مناصرة الأشقاء في فلسطين ولبنان وتم منع سفن الكيان الغاصب وداعميه من المرور في البحر الأحمر وباب المندب مشكلين أهم بؤرة مقاومة لها ما بعدها في ذاكرة النضال العربي، وكذا الحال انطلقت مسيرات المقاومة من العراق لتضيف جبهة رابعة في وحدة الساحات؛ كل تلك الجبهات وضعت الكيان الصهيوني وحلفه الغربي في موقف حرج لم يسبق له مثيل ورغم انتقال المعركة البرية باتجاه لبنان واستشهاد قيادات حزب الله وحماس فلم يتضعضع موقف المقاومة ليثبت أولئك الرجال الأبطال ومن خلفهم حواضنهم الشعبية أنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم.
أما الهجمة الإرهابية المباغتة لمجاميع الإرهاب في سورية على حلب وشمال سورية التي حركها المشغل الصهيوني وبقية أذنابه وفقاً للمشروع الاستعماري الدولي واضعاً خطته لقطع التواصل بين جبهات المقاومة ومحركاً جماعات الإرهاب مثل “النصرة” وأخواتها من الأدوات التي تمني النفس بتحقيق انتصار خارج سياقات التاريخ بعد فشل طوال العشرية السوداء، فقد غاب عنها أن الرسم البياني العالمي يشكل الآن انحناءه تاريخية في معادلات القطبية الدولية وأن الجيش العربي السوري وحلفاءه سيضعون تلك المجاميع الإرهابية كما قال تميم التغلبي: “أرى الموت بين السيف والنطع كامناً” لتصبح لقمة سائغة لضربات الطيران السوري والروسي وحلفاء محور المقاومة وعما قليل ستتلاشى وتخفت نشوة المرجفين المتناغمين مع المشروع الصهيوني والإمبريالي بسذاجة منقطعة النظير.
ما حدث في سورية هو هجوم إرهابي مدبر وهو بمثابة فقاعة ستفجر في الهواء سرعان ما سيقضي عليها الجيش العربي السوري، فإذا كانت العشرية السوداء لم تفت في عضد الدولة السورية فكيف بمثل هذه الهجمة الإرهابية التي جاءت في الوقت الضائع؟.
ولا شك أن تلك القوى الراعية والداعمة للهجمة الإرهابية قد فتحت جبهة سوف تنتهي قريباً وخلال الأشهر القليلة القادمة بالتخلص من كل جيوب الإرهاب والخروج النهائي لقوات الاحتلال الأمريكي والتركي من شرق وشمال سورية، وهنا لن يكون أمام رعاة هذا المشروع الاستعماري إلا اتجاهين لا ثالث لهما إما إشعال حرب عالمية لعالم جديد ما بعد الأمم المتحدة وإما الرضوخ للواقع الجديد الذي يفرض نفسه وإن غداً لناظره قريب.
* المقال ينشر بالتزامن مع صحيفة الوطن العمانية ورأي اليوم.