“الحقيقة” هي الضحيّة الأولى في ساح الوغى، تلوكها المصطلحات كيفما شاء أسيادها، فمن الأزمة إلى الاقتتال، مروراً بالحرب، وصولاً إلى الثورة، تلك الحقيقة التي تتبدّل أقنعتها بيد الأقوى، بيد من يلبسها قناع المفردات ليشكّل الرأي العام لمصلحته، يمتلك من خلال المصطلح الذي يشاء قوّة الإقناع والتأثير، لتصبح الحقيقة صناعة ليست مجرّد كلمات وحسب، بل أدوات نستخدمها جميعنا للتأثير على الآخرين.. آراؤهم مزاجهم رؤيتهم، لنصبح نحن من يملك صناعة إستراتيجية مصوّرة للرأي العام وتشكيله.
كل هذا تصنعه حرب المصطلحات بيدنا نحن “المثقّفين” لتجميل الحقيقة وربما تشويهها، لكن ما هو مؤكد أننا رغم حرب المصطلحات خلال بداية الثورة، إلى يومنا هذا لا نزال نؤمن أن حقيقة واحدة متّفقين عليها لا تتبدّل كشمسٍ لا يمكن حجبها، حقيقة لا يمكن تضليلها مهما تعاقبت عليها خفافيش الظلام العالميّ، هي سيادة سوريا ووحدة أراضيها، رغم أنف المراهنين على إفشال ثمار الثّورة التي لم تكن ناراً وباروداً، بقدر ما كانت مطالب محقّة في الحريّة والعدالة والمساواة والتغيير.
وهنا لابد أن نمتلك أدواتنا المقنعة بالأدلة والبراهين أن لا نستخدم ونفشي فيما بيننا مصطلحات التفرقة والنعرات والمشادّات تلك التي تغيّب العقل وتؤجج نار الحقد في الصّدور، ولاسيما لمن كان مغيّباً وكنّا كُثرا، نحن حرّاس الكلمة لحمايتها من الوأد، نعم اليوم سلاحنا لغتنا التي نطالبها بأن تُخمد نار فتنتها وتعزز إيماننا بنورها، لأن “في البدء كانت الكلمة”، وفي النهاية ستكون هي الباقية ونحن على سِفرها عابرون.. عابرون لا مناص.
#صحيفة_الثورة