الثورة-راغب العطيه:
انطلقت المباحثات الأمريكية الروسية أمس الثلاثاء في العاصمة السعودية الرياض بهدف إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، وذلك بغياب الأوكرانيين والأوروبيين المعنيين بالدرجة الأولى بقضية إنهاء هذه الحرب المدمرة، الأمر الذي دفع القادة الأوروبيين إلى استباق هذه المباحثات بعقدهم اجتماع مواز في باريس الإثنين للنظر بما يمكنهم القيام به حول موضوع أوكرانيا، في ظل تجاهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهم وانفراده بهذا الموضوع، مدعياً أن لديه القوة لإنهاء هذه الحرب.
اللقاء الأمريكي الروسي رفيع المستوى أزعج الأوكرانيين وانتقده الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي صراحة، مؤكداً أن بلاده لن تستسلم لما أسماها “إنذارات روسيا”، وقال: إنه سيرفض التوقيع على أي اتفاق يتم التفاوض عليه دون مشاركة كييف،الأمر الذي اعتبره ترامب بالمخيب للأمل.
والتقى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الذي ترأس وفداً أمريكيا رفيع المستوى شارك فيه مستشار الأمن القومي مايك والتز ومبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في قصر الدرعية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف وشخصيات روسية سياسية واستخباراتية واقتصادية رفيعة المستوى من بينها رئيس صندوق الثروة السيادية كيريل ديمترييف الذي لعب دورا رئيسيا خلف الكواليس في اتفاق الإفراج عن السجناء الأمريكيين مؤخرا.
وتم الاتفاق بالاجتماع على تعيين فرق رفيعة المستوى للبدء في العمل على مسار لإنهاء الصراع في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن بطريقة دائمة ومستدامة ومقبولة من جميع الأطراف.
وقال وزير الخارجية الروسي: أعتقد أنّ المحادثة كانت مفيدة للغاية، لم نستمع فقط بل أنصتنا لبعضنا بعضا، ولديّ سبب للاعتقاد بأنّ الجانب الأمريكي فهم موقفنا بشكل أفضل.
وبالرغم من أن قمة الأوروبيين غير الرسمية في باريس اختتمت أعمالها دون أي إعلان ملموس، بسبب الانقسام الحاد حول موضوع نشر قوات حفظ سلام في أوكرانيا، غير أنهم تعهدوا بمواصلة دعمهم المشترك لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، دون أن يقدموا أي ضمانات أمنية جديدة قد تُحدِث فارقًا ملموسًا على أرض الواقع.
وبسبب حالة التباين إن لم نقل التناقض السائدة حاليا بين بروكسل وواشنطن حول الحرب في أوكرانيا أقر الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء النسخة السادسة عشر من عقوباته على روسيا،ومن المقرر أن يعتمدها وزراء خارجية الاتحاد رسميا الإثنين القادم الذي يصادف الذكرى الثالثة لبدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتطال العقوبات الأوروبية الجديدة قطاع الألمنيوم الروسي، إضافة إلى تقييد إضافي على ما يعرف بـ”أسطول الظل” المرتبط بالرئيس الروسي بوتين، عبر فرض عقوبات على 73 ناقلة إضافية تستخدم لنقل النفط الروسي الخاضع بدوره للعقوبات الغربية، كما سيقوم الاتحاد بفصل 13 مصرفا روسيا إضافيا عن نظام “سويفت” الدولي للتحويلات المالية، وإضافة ثماني وسائل إعلام روسية إلى قائمة الوسائل التي يحظر عليها البث في أوروبا.
وبعد اجتماعها مع المبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا كيث كيلوغ، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين: إن الاتحاد الأوروبي يريد التعاون مع واشنطن من أجل سلام “عادل ودائم” في أوكرانيا.
ويرى المراقبون أن المسألة الأهم في هذا المسار هو كيف ينبغي لأوروبا أن تتفاعل مع التغيير الجذري في مسار سياسة واشنطن تجاه حرب روسيا على أوكرانيا.
التصريحات الأخيرة لترامب الذي أكد أنه سيعقد اجتماعه الأول مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السعودية، أدخلت الأوروبيين في حالة من الشكوك وعدم اليقين بسياسة حليفهم الأهم والأقوى في جميع القضايا الدولية وخاصة الأوروبية منها، خاصة وان إدارة البيت الأبيض أعلنت في الفترة الأخيرة انتقادات حادة لحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين التقليديين.
بالتوازي أعربت الصين عن أملها في “مشاركة جميع الأطراف والجهات المعنية” في المحادثات الرامية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، في حين أكدت تركيا التي تربطها علاقات جيدة مع طرفي النزاع استعدادها لاستضافة أي مباحثات تقود إلى إنهاء الحرب وإقامة السلام.
وفي خضم التباين بالتوجهات تلقت برلين وعواصم أوروبية أخرى مؤخرا طلبا بالإبلاغ عن مساهماتها المحتملة في ضمانات الأمن لأوكرانيا، مع تبيان عدد الجنود الذين يمكن أن ترسلهم إلى أوكرانيا للمشاركة في قوة حفظ السلام أو برامج التدريب بعد انتهاء الحرب، والأهم من كل ذلك، هو ما المتوقع من الولايات المتحدة في ظل رؤية ترامب الجديدة.
ويؤكد المراقبون أنه يتعين على الأوروبيين أن يقرروا كيف يريدون التعامل مع حقيقة أن الأميركيين لا يرون في الاتحاد الأوروبي لاعباً مهماً في عملية التفاوض، ويطالبون أوكرانيا في الوقت نفسه بتنازلات دون استشارة.
وتعتقد أمريكا ترامب أنه على كييف من أجل إنهاء الحرب أن تتخلى بسرعة عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وأن تقبل أن يظل جزءا من أراضيها تحت السيطرة الروسية بشكل دائم، وهذا ما تخافه الدول الأوروبية وتعتبره يشجع بوتين على القيام بحروب أخرى في أوروبا.
#صحيفة_الثورة