الثورة- خاص:
كشف مسؤول في شؤون النازحين واللاجئين في هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل التابعة للإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، عن التوصّل إلى اتفاق مع الحكومة السورية لوضع آلية مشتركة تهدف إلى إخراج العائلات السورية من مخيم الهول، وإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية، ضمن خطة تهدف لإنهاء معاناتهم المستمرة منذ سنوات.
وجاء الإعلان عقب اجتماع ثلاثي غير مسبوق عُقد داخل المخيم، وضمّ وفداً رسمياً من الحكومة السورية وممثلين عن التحالف الدولي، إلى جانب ممثلين عن الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.
وأوضح المسؤول أن اللقاء تمخض عن اتفاق أولي لإطلاق خطة مرحلية لإفراغ المخيم من النازحين السوريين بطريقة “آمنة وطوعية”، مع التأكيد على عقد اجتماعات لاحقة لمتابعة تفاصيل الملفات الأكثر تعقيداً، بما في ذلك ملفات المحتجزين الأجانب وعائلاتهم، والذين ترفض دولهم إعادتهم بسبب خلفياتهم المتشددة.
تُعد هذه الزيارة هي الأولى من نوعها بعد توقيع الاتفاق بين الحكومة السورية وقيادة “قسد” في آذار/مارس الماضي، والذي تضمّن دمج المؤسسات العسكرية والأمنية التابعة لـ”قسد” ضمن مؤسسات الدولة الرسمية، إضافة إلى تسليم المعابر ومراكز الاحتجاز والحقول النفطية إلى دمشق.
وشملت الزيارة جولة ميدانية داخل المخيم، بحضور وفد حكومي رفيع ضمّ ممثلين عن وزارتي الداخلية والخارجية، ومسؤولين من جهازي الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، كما شارك فيها مندوبون عن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وبحسب مصادر محلية، فإن الاجتماع تناول آليات التنسيق الميداني، وتقييم جاهزية البنى التحتية لاستيعاب العائدين، بالإضافة إلى بحث آليات تصنيف الحالات القانونية للسكان وتقديم الدعم اللازم لدمجهم مجدداً في مجتمعاتهم المحلية.
يُعتبر مخيم الهول من أعقد الملفات الأمنية في سوريا، ويصنَّف من قبل الأمم المتحدة كـ”منطقة شديدة الخطورة” و”قنبلة موقوتة”. ويضم حالياً نحو 43 ألف شخص، بينهم أكثر من 16 ألف نازح سوري، و13 ألف لاجئ عراقي، وأكثر من 6 آلاف من النساء والأطفال الأجانب المرتبطين بمقاتلي تنظيم “داعش”، رغم الانخفاض الكبير في أعداد قاطنيه مقارنة بعام 2019، حين بلغ عددهم 73 ألفاً.
وتأتي هذه التحركات في سياق توافق سياسي جديد بين دمشق و”قسد”، بدفع مباشر من واشنطن، حيث سبق أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائه الأخير مع الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، ضرورة أن تتولّى دمشق مسؤولية الإشراف على 26 مركز احتجاز تضم أكثر من 12 ألف مقاتل أجنبي من تنظيم “داعش”.
يمثل الاتفاق حول مخيم الهول جزءاً من تسوية أوسع بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، يُتوقع أن تضع حداً لسنوات من الفوضى والاضطرابات في المناطق الخاضعة لسيطرة “قسد”. كما تأتي هذه التطورات بالتوازي مع المساعي الإقليمية والدولية لإعادة الاستقرار إلى شمال شرقي سوريا، ولا سيما مع تزايد الضغوط التركية لإغلاق هذا الملف بشكل كامل، ووقف نشاط التنظيمات المصنفة كإرهابية.
ورغم تعقيدات الملف، إلا أن الخطوات الأخيرة تشير إلى أن مسار الحل بدأ فعلياً، وسط آمال بأن تسهم هذه الخطة في إنهاء معاناة آلاف العائلات السورية، وفتح باب جديد نحو إعادة تأهيل المجتمعات المتضررة من الحرب، وإغلاق واحد من أخطر فصول النزوح والاعتقال في سوريا ما بعد الأسد.
تحرير: أحمد نور رسلان