ثورة أون لاين:
منذ اربعين عاما والصحافة تأتي وتصوّر وتسجل.. ولجنة الحي تشرح وتشكو وتراسل, ولكن ما الفائدة اذ لم يستجب احد لشكوانا ؟. هكذا فاجأتنا السيدة ام محمد قاطنة احد بيوت حي الحمراوي اثناء جولة «الثورة» على الحي وتوابعه برفقة عدد من اعضاء لجنة دمشق القديمة،
لرصد واقع البيوت المهددة بالانهيار والازقة التي تحولت الى مكبات للنفايات وما آلت اليه، لنرى بأم العين تصدعاتها وامكانية سقوطها باي لحظة.
وبعد ان استأذنها رئيس اللجنة كي تسمح لنا بمعاينة التشققات في منزلها الآيل للسقوط, اضافت ام محمد : «خدوا راحتكم وصورا وسجلوا… ولكن ما الفائدة… فقدرنا ان نعاني ونحن في بيوتنا التي صارت اشبه بخرابة، نقيم فيها لانه لا بديل سواها والسبب في كل ذلك قرار ظالم ننتظر نقضه بقرار عادل».
54 عاما والحال ذاته
كلام ام محمد والجيران اصاب كبد الحقيقة من وجهتين، الاولى: لان البيت كبير تتوسطه ساحة كبيرة من المفترض ان تعج بالياسمين التي اشتهرت بها الدور الدمشقية القديمة، لكنها مع حالة القرار المجحف تحولت الى خيم بعد ستر اسقف الغرف بشوادر للحد من تساقط الامطار، اما الثانية : كما ينقل الواقع وجود بيت ملاصق لمنزل ام محمد لم تصبه لعنة الاستملاك كباقي الحي، حوّله مالكه الى تحفة فنية بعد ترميمه وتحويله الى معلم سياحي من الطراز الرفيع. لكنه, وحسب تعبير صاحبه س. ه فقد عانى كثيرا اثناء عمليات الترميم مع ادارة دمشق القديمة, وبالنتيجة استطاع تحقيق حلمه الذي يمكن اسقاطه كليا على بيوت حي الحمراوي وان منظره ومحتوياته تتناغم كليا مع ما حوله من تراث دمشقي . والسؤال, لماذا لا ترفع تبعات الاستملاك ؟.
وعرض بدر الدين العوف رئيس لجنة احياء دمشق القديمة معاناة اهالي الحي من آخر مستجداتها: اجتمعت لجنة للخدمات والبنى التحتية والتي تضم مختلف الجهات من – محافظة دمشق, نقابة المهندسين, نقابة المقاولين, وزارة الاشغال العامة, الاسكان والتنمية العمرانية, الادارة المحلية, هيئة التخطيط الاقليمي ولجنة احياء دمشق – ووافقت على المحضر رقم 13 المتضمن مقترحات محافظة دمشق لمعالجة استملاك حي الحمراوي والمتمثلة بعدة نقاط : اولها بيع العقارات لمن يرغب من المالكين على وضعها الراهن على ان يكون البيع باعتماد التخمين المعد من قبل اللجنه المشكلة بموجب القرار رقم 2497 تاريخ 7/5/2003 بالنسبة للعقارات التي قام مالكوها بقبض مستحقاتهم من بدل الاستملاك.
اما بالنسبة للمالكين الذين لم يقبضوا استحقاقاتهم من بدل الاستملاك فيكون البيع بقيمة التقدير التحكيمي والمودع في المصرف المركزي مع استيفاء فائدة وقدرها 9% سنويا من تاريخ الايداع وحتى تاريخ السداد، والطلب من المصرف إعادة بدلات الاستملاك المودعة الى المحافظة واعتبارها كدفعة من المالكين عن المبالغ المستحقة عليهم.
الا ان نسبة الفائدة 9% لاقت اعتراضا من لجنة احياء دمشق التي طلبت اعادت التوصية لجهة عدم تحميل المواطنين الراغبين بشراء العقارات بحي الحمراوي والذين لم يقبضوا استحقاقاتهم من بدلات الاستملاك مبلغ الفائدة بسبب الوضع المالي المتردي حسب قول اللجنة والكلفة العالية لاعمال الترميم.
المحافظة لا تمانع
وحسب المحضر رد محافظ دمشق بعدم الممانعة من اعفاء الاهالي من الفائدة اذا قاموا بالمبادرة الى ابرام عقود الشراء ومن ثم المباشرة بترميم المنازل مع وجود امكانية لتأمين قروض دون فائدة ولكن بعد المباشرة بالترميم.
وبدورها رئاسة مجلس الوزراء وافقت على توصيات اللجنة وفق كتابها رقم 10478/1 لعام 2013 والذي يطالب المحافظة بامكانية الاعفاء من الفوائد. ويتأمل الاهالي صدور قرار واضح وصريح يعفي من الفائدة كي يبادروا لشراء العقارات والبدء بالترميم، الا ان الانتظار طال عاما كاملا دون فائدة تذكر.
واعادت لجنة حي الحمراوي الاثري وتوابعه في كتابها الجديد لرئيس مجلس الوزراء تاريخ 28/8/2014 المطالبة بضرورة اعفائهم من مبلغ الفائدة ليأتي الرد من جديد الى محافظة دمشق بالاطلاع والتدقيق بالكتاب رقم 14 1621/ع تاريخ/10/2014
وتعود القصة الى نقطة البداية حسب تعبير لجنة احياء دمشق, بعد طي قرار الاستملاك وبات المطلوب قرار واضح يعفي مالكي العقارات من الفوائد.
قصة الحي تجاوز عمرها نصف قرن لكنها لم تغب يوما عن اذهان اصحابها او عن اهتمام معظم المؤسسات او الوزارات والنقابات والجمعيات الاهلية والمجتمعية والعلمية، ووصل عدد المطالبات ومستندات اضبارتها الى عدد أيام تلك السنوات الطوال دون ان تصل القصة حتى اللحظة الى خاتمتها عبر حل يطوي تبعات قرار استملاك جائر، ولطالما تفاعلت الجهات المعنية مع قضية الحي فلماذا لم تحل لغاية الان؟!.
تاريخياً
حي الحمراوي الشهير كان يسمى زقاق ابن نوح، الى أن بنى القاضي كمال الحمراوي عام1480 دارا كبرى في قسمه الشرقي ويضم في مدخله باب الخضراء التاريخي فصار الزقاق معروفا بالحمراوي، ثم بنى اسعد باشا قصره الشهير «قصر العظم» على حدود الزقاق و تجاوره غربا المدرسة الجوزية، تلاصقها المدرسة الفارسية العائدة لسنة 1403 م وهي اثر مملوكي هام, الى جانب خانات الصوراني والتتن والسفرجلاني فيما اشيدت في قسمه الجنوبي المدرسة الأيوبية.
وبعد حريق سوق الصاغة سنة 1960 والتهام النيران جميع المحلات سعت المحافظة آنذاك لتأمين محلات بديلة في الحريقة والتكية السليمانية، فاصدر المشير عبد الحكيم عامر نائب رئيس الجمهورية المتحدة «آنذاك» قرارا استملاكيا باطلا لا يعتمد على النفع العام يحمل الرقم 281 تاريخ 28/11/1960 يقضي باستملاك احياء وأزقة الحمراوي والمصبغة الخضراء والنقاشات والخجا ومعاوية الصغير وسوق القباقبية والشارع المستقيم بغية انشاء سوق تجاري اسمنتي قرب الجامع الاموي, لتبدأ بهذا الاستملاك معاناة طويلة لسكان الحي حيث بلغ عدد العقارات المستملكة 74 دارا سكنية و56 محلا تجاريا كان هدف استملاكها هدم البيوت والمحلات التي تتناغم اثارها في قلب أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ وجانب احدى أهم معالم دمشق «الجامع الاموي وقصر العظم» ولو تم الهدم حسب تعبير العوف لقضي على احدى أجمل حارات دمشق التي سجلتها اليونيسكو في السجل الدولي للآثار والتراث ويجب الحفاظ عليها وهذا لا يتم في البيوت الدمشقية القديمة الا بالترميم والعناية والمتابعة المستمرة لكن المحافظة حرمتنا عندما أقدمت على نقل ملكية العقارات وبدأت بتحصيل الآجار من القاطنين والشاغلين، رغم انها بيوتهم المتوارثة, كما قامت بإغلاق عدد من البيوت بحجة انها متصدعة ومنعت بشكل نهائي وقاطع عمليات الترميم الأمر الذي أدى الى تشقق وتصدع تلك المنازل وسقوطها فوق رؤوس قاطنيها كما حدث سابقا مع اصحاب احد المنازل والذين قضوا اثر سقوط السقف عليهم، وباقي الدور، فتقادمت مع مرور الزمن وعزف اصحابها عن الترميم بسبب المنع أولا، ولأن المنازل لم تعد لمالكيها بعد قرار الاستملاك الذي يهدد القاطنين بالاخلاء بأي لحظة، فغاب الترميم.
وثائقياً
المعاناة مع المطالبات والمراسلات والمراجعات لرفع قرار الاستملاك لم تكن اقل من مثيلتها مع الترميم والسكن واغلاق المحلات التي اعاشت مئات العائلات والتي جاءت باكورتها بمبادرة محافظة دمشق بإصدار قرار من المكتب التنفيذي رقم 422 لعام 1980 لرفع وإلغاء الاستملاك كونه يخالف المرسوم التشريعي الاثري رقم 222 لعام 1960 ويتعارض مع قرار وزارة الثقافة 197/1لعام 1976 القاضي بمنع الاستملاك والبناء الحديث في المناطق الاثرية، ويتعارض مع قرار اليونيسكو وقانون الحفاظ على الاثار رقم 2144/8 تاريخ 1979 ومع ذلك بقي الاستملاك فلا قرار الرفع تم اوالالغاء والهدم نفذ او سمح بالترميم واعادة البناء.
وبدأت مرحلة جديدة من المطالبات من أهالي الحي ذاتهم والذين أكدوا ملكيتهم للمنازل بالتوارث عن آبائهم واجدادهم ولا يجوز لأي كان انتزاعها منهم ولاسيما ان مثل هذا الاستملاك وما يحمله من ظلم واجحاف ومخالفة لمجمل القوانين والتوصيات، ولما تعنيه أزقة دمشق القديمة من قيمة تاريخية وأثرية يجهد البعض لطمس نسيجها المعماري وتدمير النسيج البيئي والسكاني لقلب أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ.
وقال رئيس اللجنة: كيف لنا أن ندفع ثمن بيوتنا ان كانت القوانين ومعها كافة الوزارات ومجلس الشعب, قد اقرت جميعها بضرورة الغاء قرار الاستملاك. لكن ومع بقاء الاشارة استمرت رحلة المناشدات الى ان اصدر مجلس الشعب عام 1991 دراسة موجهة لمجلس الوزراء تحمل الرقم 548 تتضمن الغاء الاستملاك عن كل عقار مضى على استملاكه اكثر من عشر سنوات دون تحقيق الغاية المرجوة منه لتخلص الدراسة الخاصة بحي الحمراوي وتوابعه ببند جاء فيه: الغاء الاستملاك عن العقارات المستملكة بموجب قرار نائب رئيس الجمهورية رقم 281 عام 1960لاسباب اوردها الكتاب ذاته ضمن بنوده وليتبعه كتاب اخر موجه من مجلس الشعب رقم 12 /س لعام 1997 المتضمن رفع الاستملاك عن حي الحمراوي وتوابعه كانت نتيجته قرار مجلس المحافظة رقم 26042تاريخ 28 /7 /2002، القاضي بإلغاء قرار الاستملاك شرط بيع البيوت للقاطنين فيها (اصحابها) وبالأسعار الرائجة.
مطالبة
معاناة اهالي الحي وقاطنيه تناسبت طردا مع مطالبات اعضاء مجلس الشعب منذ عام 2003, وشهد عام 2005 مناقشة تقرير اللجنة المشكلة بقرار رئيس المجلس رقم 147 لعام 2005 والمحددة مهمتها بدراسة واقع الاستملاك، حيث توصلت بقرارها رقم 1616 الى ضرورة اصدار التشريع اللازم لإعطاء الحق لمالكي العقارات المستملكة باسترداد ملكية عقاراتهم ورفع اشارة الاستملاك طالما أنه لم ينفذ أو يحقق الغاية التي تم من اجلها خلال 10 سنوات و ضرورة الغاء صكوك الاستملاك القديمة التي مضى عليها 15 سنة، وفي هذا يتجلى وجه المفارقة وغياب المتابعة، فقد مضى على قرار استملاك الحي وعقاراته 54 عاما ولم يتم التنفيذ.
قرارات تنتظر التفعيل
كل هذه القرارات والتوصيات ظلت نظرية تفتقر للتنفيذ وبقي الاستملاك من خلال الاصرار على بيع العقارات لأصحابها، وهذا ما اعتبره الاهالي تعديا على حقوقهم في ملكياتهم، كما بقي منع الترميم ساري المفعول، والمحصلة تصدع المنازل وتشققها وتشويه وجه المدينة الجمالي والحضاري, الأمر الذي دفع بالمديريات والمؤسسات والمنظمات والجمعيات المجتمعية والاهلية والشعبية للمطالبة عبر كتب رسمية وجهت الى العديد من الجهات المعنية منها كتاب غرفة تجارة دمشق 90/3/ر، و غرفة صناعة دمشق وريفها رقم 661/ص تاريخ 42 /10/ 2012 والجمعية المحسنية برقم 225 و226 تاريخ 20/6 2012 و الجمعية الحرفية للصاغة والمجوهرات رقم 257 و313 لعام 2012 . كذلك جاءت مطالبة جمعية اسرة الاخاء السورية رقم 33\ص وجمعية مآذن الخيرية رقم 238 لعام 2012 والمؤسسة التعليمية للمدرسة الكاملية رقم 71 و72 .
واكدت تلك الجهات ضرورة رفع الاستملاك بغية الحفاظ على حقوق القاطنين وعلى وجه التراث الحضاري والانساني للحي الذي يعتبر تحفة تاريخية نادرة اضافة لما يمثله قرار الاستملاك من مخالفة واضحة للمخطط التنظيمي العام رقم 1878/72 لعام 1957 والمصدق عام 1968 الذي اعتبر منطقة الحمراوي وتوابعها دورا عربية وسكنية دون ان يلحظ مكانها أي محلات تجارية حديثة بموجب المصور رقم 533، كما ان نظام ضابطة البناء يمنع الاستملاك والهدم والبناء الحديث بجوار المسجد الاموي وقرار اللجنة العالمية للمباني التاريخية الصادر بتاريخ 25 ايار 1964 يتضمن «ان احترام المبنى الاثري يستلزم احترام المبنى التقليدي لما يحمل من شكل والوان ثقافية هامة» كما ان قرار الاستملاك المذكور جاء مخالفا للقانون الاثري رقم 192/أ لعام 1976 المتضمن تسجيل مدينة دمشق القديمة داخل الاسوار ضمن سجلات المناطق الاثرية ويمنع فيها الاستملاك والهدم والبناء الحديث وشق الطرق حفاظا على طابعها القديم وهذا ما يفسر مقترح وزارة الثقافة بكتابها رقم 2864 لعام 2004 بضرورة اعداد مشروع قانون يتضمن الغاء الاستملاك والغاء كافة الاثار والاجراءات الناجمة عنه بحيث تعاد العقارات المستملكة لأصحابها وتستعاد الاموال المدفوعة او المودعة بأسمائهم دون اي فوائد.
كما يفسر كتاب المديرية العامة للآثار والمتاحف رقم 1 لعام 2004 المتضمن إلغاء الاستملاك لما تمثله دمشق القديمة من وجه للحضارة والتاريخ كونها من المواقع المسجلة على لائحة التراث العالمي ما دفع وزارة الثقافة لتؤكد من جديد مطالبتها بإلغاء الاستملاك بالكتاب 3538/22 لعام2011 مؤكدة ان الاستملاك سقط بالتقادم اضافة الى ان المدينة لايمكن ان تحيا او تستمر إلا بسكانها وكافة فعاليتها الاساسية وبرأي وزارة الثقافة انه طالما ادرجت دمشق ضمن لوائح التراث العالمي يصبح تنفيذ الاستملاك امرا مستحيلا وبالتالي رفعه والسرعة بالبدء بأعمال الترميم كمصلحة عامة.
الملف الأكثر انتشارا
والى جانب وزارة الثقافة تدخلت جهات عدة كوزارة الدولة لشؤون المشاريع الحيوية بكتابها 16187/2 لعام 2012 ونقابة محامي دمشق بكتابها 1167 وكتابها رقم864/ص لعام 2004ونقابة المحامين السوريين بكتابها رقم53 لعام 1997بكتابها 869 /ص لعام 2004 ونقابة المهندسين رقم 2756 لعام ونقابة الفنانين بكتابها رقم2160 لعام 1984 اضافة لاتحاد الكتاب العرب بكتابه رقم 302 لعام 1984 الذي اعاد تأييد طلبه بإلغاء قرار الاستملاك عن الحي وتوابعه بالكتاب رقم 11/ص لعام 2013 مضيفا.. اذا كان قرار الاستملاك مجحفا بحق حي الحمراوي فما نأمله الا تتحول هذه القضية الى قضية رأي عام وطالبت وزارة الاقتصاد والتجارة بكتبها رقم 7704/3 ورقم 8700 لعام 1994 ورقم 3978 للعام ذاته ورقم 5777 للعام 1996 اضافة الى مطالبات عدة نقابات واتحادات وغرف تجارة وصناعة وجمعيات حرفية وخيرية واهلية بإلغاء قرار الاستملاك.
كي لا يتكرر السيناريو
ولاقت هذه المراسلات والمطالبات اهتماما من قبل الجهات المعنية منذ حوالي اربعة عشر عاما حيث جاء كتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم 1696/1/31 لعام 2000 الى وزارات الادارة المحلية والزراعة والمواصلات والاسكان والمرافق والسياحة والتربية والتعليم العالي والري بتوصيتين الاولى اعادة النظر بمراسيم الاستملاك التي شملت مناطق سكنية لما لها من اثار سلبية من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية والثانية اعطاء الحق لمالك العقار المستملك باستراداد عقاره اذا لم تنفذ الغاية التي تم من اجلها الاستملاك .
دراسة تفصيلية
خاطبت وزارة الادارة المحلية رئاسة مجلس الوزراء بالكتاب رقم 1037 18 تاريخ/10 /2012 المتضمن تكليف المحافظة بتقديم مذكرة تتضمن دراسة تفصيلية للحي لناحية اعادة بيع العقارات بأسعار رمزية للمالكين ودراسة ترميم المنطقة من خلال طرحها للاستثمار مع تحديد الكلفة والبرنامج الزمني، ليأتي رد المحافظة سريعا من خلال تقديم المقترحات في اجتماع لجنة الخدمات والبنى التحتية المنعقدة بتاريخ 30 /1 /2013 والمتضمنة بيع العقارات لمن يرغب من المالكين على وضعها الراهن وفق الاسس المحددة فالعقارات التي قام مالكوها بقبض قيمة حصصهم من بدل الاستملاك البيع باعتماد التخمين المعد من قبل اللجنة المشكلة في محافظة دمشق بموجب القرار رقم 2497 لعام 2003 اما بالنسبة للمالكين الذين لم يستلموا مستحقاتهم من بدل الاستملاك البيع بقيمة التقدير التحكيمي والمودع في مصرف سورية المركزي مع استيفاء فائدة قدرها 9% سنويا من تاريخ الايداع وحتى تاريخ التسديد، والطلب من المصرف اعادة بدلات الاستملاك المودعة لديه في محافظة دمشق فيما يتعلق بالاستملاكات المذكورة التي سقطت بالتقادم واعتبارها كدفعة من المالكين على المبالغ المستحقة عليهم ومنح الشاغلين (واضعي اليد) ميزة السكن البديل في حال لم يتقدم اي مالك بشراء حصته خلال 3 سنوات وتدفع المحافظة لهم تعويض اخلاء يتم قيده كدفعة اولى من قيمة السكن البديل المستحق عليهم مع اعفاء الشاغلين من بدلات ايجار الفترة السابقة وحتى تاريخ الانذار او البيع واعتبار فترة تشغيلهم بمثابة استضافة ومنح المالكين مدة 3 سنوات كحد اقصى لاستكمال اجراءات الشراء ويذكر في عقد البيع التزام المالك لإعادة الترميم خلال 5 سنوات بحيث توضع اشارة على صحيفة العقار لتنفيذ الترميم خلال المدة المذكورة تحت طائلة التنفيذ وتحصيل المبالغ المترتبة من المالكين.
الفائدة والتبعات المادية
لجنة احياء دمشق القديمة وصفت قرار رفع الاستملاك واعادة العقارات لاصحابها بالخطوة الحميدة في اعادة الحق لأصحابه،الا انه يحمل الظلم من جديد، فبعد معاناة لأكثر من خمسين عاما جراء قرار جائر، يأتي القرار محملا المالكين 9% فوائد، وهو أمر لا طاقة لهم كما انه يرتب عليهم القيام بأعمال الترميم خلال 5 أعوام والا عاد البيت للحجز نظرا لوضع اشارة على الصحيفة العقارية.
وحسب الاهالي هذا امر مرفوض كما قال م.ق احد القاطنين: فهل ندفع ثمن بيوتنا وفوقها المبالغ التي يحتاجها الترميم وهي عشرات اضعاف ما كنا سنحتاج اليه لترميمها لولا هذا القرار.
وسأل رئيس اللجنة: الا تعد مثل هذه الفروقات عطلاً وضرراً بالنسبة للمالك؟ ناهيك عن حالة عدم الاستقرار التي عاشها طيلة الخمسين عاما الماضية، وعوض ان تكون بيوتنا تحفاً فنية طيلة السنين الفائتة، نجد معظمها خرابا تحتاج للكثير من العمل و من الاموال التي لا طاقة لنا بها ما يجعل شرط التطبيق بحد ذاته معجزة., اما المستأجرون وشاغلو العقارات الذين أمضوا عقودا في الحي ولهم حصص وأسهم في المنازل بقدر 40% منه حسب القوانين، لا يجوز اقتلاعهم منها ولهم حقوق كما المالكين سواء كان بسند تمليك او بالإرث، فمعظمهم من الفقراء الذين لاحول لهم بتحمل أعباء السكن البديل اذ لا يجوز ان تصل الامور لان يحتسبوا ضيوفا.
وبعد هذه الخطوة إعادة العقارات لأصحابها، لا بد من تضافر الجهود لإيجاد مخرج يرضي كل الأطراف، للفائدة المقدرة 9٪ كي لا ترخي بثقلها على المالكين أو تبقى باباً للاعتراض او عدم الثقة, والمحافظة التي طرحت عدم الممانعة بالاعفاء من الفائدة اذا اقدم مالكو العقارات على ابرام العقود والمباشرة بالترميم قادرة على اصدرا قرار صريح بالاعفاء من الفائدة , وحينها سيبادر جميع مالكي العقارات الى ابرام العقود واعمال الترميم ويعود الحمراوي كدمشق القديمة قبلة السياح ومصدرا للجمال ومنبعا للتراث.
تحقيق: عدنان سعد- ملحم الحكيم