من الطبيعي أن يشغل المشهد السوري اليوم رُؤًى متباينة، لكيفية التعامل مع ملفات ساخنة، مرتبطة بجراح مازالت نازفة.. ومن البديهي أن تتزاحم الانطباعات، بتناقضاتها المبنية على تركيبة مجتمعية أفرزتها النقلة النوعية للتحرير، وذلك بعد تَجذُّرِ حالة كبت الحريات وثباتها لعقود.
لنتفق إذاً، “أو على الأقل”، أن ما يصل من تجاذبات الآراء وتنافرها حول الأداء الحكومي بكل قطاعاته، هو ظاهرة صحية، رغم كل ما تثيره مواقع التواصل الاجتماعي من لغط غالباً، وما توصله من حقائق بالصوت والصورة أحياناً، وما تشير إليه من سلبيات يتم تدارك بعضها، وتحديداً المتعلق بأداء وقرارات مفاصل معينة من القطاعات الحكومية، بينما تظل بعض المجريات مثار جدل، كونها جزءاً يعتبره البعض مُبهماً من سياسة الدولة.
في الضفة المقابلة لهذا المشهد هناك سواد أعظم من السوريين أقصى طموحاتهم بسط الأمان في شارعٍ للمواطن فيه كرامة مصانة، لا يهدرها عنصر أمن، أو مسؤول أو مدعوم بجبروت سلطته، ولا ينتهك حرمته ضعاف النفوس، ولا تضيع في مؤسساته الحقوق.. مواطن ينتظر بشغف تخفيض أسعار خبزه وغازه ومواصلاته، وتأمين قوت عياله.
باختصار.. ينتظر أن يعيش بكرامة وستر، بعد أن دفع ثمن حريته من دمه وماله وغربته، ما يتطلب توحيد أولويات العمل على نهضة تحقق الآمال في وطن يعيدنا إلى حضنه، ويحفظ كرامتنا وهويتنا وحريتنا، وهو الإنجاز الأهم الذي تدور في فلكه كل المعطيات.