السياسة التركية الى اين؟

 

ثورة أون لاين: منذ بداية الاحداث في سورية اتخذت الحكومة التركية موقفا سلبيا تجاه سورية ووقفت الى جانب المعارضة الخارجية ووفرت لها كل اسباب الدعم السياسي واللوجستي وحاولت تسويقها اقليميا ودوليا وسعت حثيثا لتوحيدها واظهارها حالة منسجمة وحاملة لمشروع سياسي على امل ان يمنحها ذلك شرعية تفتقدها او اطارا تساوم عليه وتتحرك من خلاله ،هذا الموقف السلبي باعتقادنا تحكمة اعتبارات عدة ويرتكز الى معطيات خاطئة من وجهة نظرنا ويعكس قصر نظر راسمي الاستراتيجية السياسية التركية في مقاربتهم للازمة في سورية منها ان الحالة السورية بمعطياتها وعناصرها الذاتية واسبابها لا تشبه غيرها قياسا على ما جرت عليه الامور في كل من مصر وتونس وليبيا فالبنية السياسية السورية بحواملها الاجتماعية والاقتصادية وهويتها وخطابها واستطالاتها الاقليمية والدولية يعطيها تفردا وخصوصية وتأثيرا عابرا للحدود الجغرافية ما يجعل من اي محاولة لخلط للاوراق فيها او عبث بمكوناتها ارتدادات وانعكاسات على دول الجوار قد تتجاوز في نتائجها وكلفتها البشرية والسياسية ما يحصل في نقطة المركز قياسا على التشابه والترابط والتداخل في البنية الثقافية للاقليم واحساس اكثرية مكوناته واستشعارها وفلسفتها لطبيعة وابعاد الاستهداف خاصة وان الذاكرة الجماعية لابناء المنطقة تستحضر الصورة السلبية المتشكلة في مفاصل الوعي التاريخي عندما يتعلق الامر بالاتراك وما حفره التاريخ من اخاديد يصعب جسرها ، لذلك يلاحظ المتابع للشأن السوري ان ثمة حساسية خاصة تلامس الوجدان الوطني السوري عندما يتعلق الامر بالموقف التركي الذي لا يستطيع احد من الساسة الاتراك اخراجه من هذا الاطار واعطاؤه ابعادا اخرى تتعلق بمطالب المحتجين او التذرع بالدفع باتجاه الاصلاح الديمقراطي .
الخطأالاستراتيجي الاخر الذي وقع به الساسة الاتراك هو سوء تقديرهم لقوة وتماسك الداخل السوري وطبيعة النظام السياسي ومستوى وعمق تحالفاته الاقليمية والدولية ودرجة تركزه ومحوريته في الخريطة السياسية الاقليمية والدولية وسقف المناورة لديه في لعبة توازن الخسائر والارباح عندما يتعلق الامر بحسابات القوى الكبرى ورسم خرائط المستقبل وهو ما يفسر درجة ثبات الموقفين الروسي والصيني من الازمة السورية وارتباط ذلك بمحيطهم الاسترايجي وتهديد امنهم القومي .
خطيئة اخرى وقع فيها الساسة الاتراك -وهم الذين يفترض معرفتهم العميقة بها -وتتمثل بطبيعة التفكير السياسي لدى القيادة السياسية السورية ونخبها الوطنية و طريقة واسلوب ولغة التعاطي معها وخاصة في الازمات حيث يدرك القاصي والداني انها ترفض لغة التهديد والوعيد والاملاءات التي تأنفها ثقافة السوريين الذين يتميزون بدرجة عالية من الاحساس بالكرامة الوطنية والثقة والاعتزاز بالنفس الى درجة ان قاموسهم الوطني لايأبه بأي ثمن يمكن ان يدفعه مقابل دفاعه عن تلك المنظومة الاخلاقية المتجذرة في سلوكهم العام .
ان مرور اكثر من عام ونيف على الازمة في سورية ترتب على المنخرطين فيها من قوى خارجية ضرورة اجراء مراجعة شاملة ونقدية لمواقفهم فلا لغة الحصار الاقتصادي او السياسي او التحريض الاعلامي او استخدام القوة والتلويح بها ادت الى اية نتيجة او هدف استراتيجي سعوا لتحقيقه فالنظام السياسي لا زال يمارس خياراته وقراراته الاستراتيجية من معطى القوة الداخلية والترابط العضوي لمكوناته ما مكنه من القول لا ونعم ولا لاية مبادرات تتعلق باجتراح حلول سياسية للازمة ناهيك عن قدرته على تحريك منظومته الاستراتيجية الاقليمية والدولية واستشعارها الخطر الذي يستهدفها في اطار التنافس بين المشاريع الاقليمية والدولية على المنطقة التي اريد للازمة في سورية ان تكون غطاء لها .
لقد تنطع الساسة الاتراك للعب دور في مسرحية قذرة اعتقد معدوها انهم سيكونون خارج كواليسها او ربما جلسوا في مقاعد المتفرجين في لعبة خداع مكشوفة واذا كان من فضيلة لطول امد الازمة فإنه يتمثل في اماطة اللثام عن المشاركين فيها وتعريتهم واحاطة الرأي العام بحقيقة مواقفهم واهدافهم وحساباتهم السياسية حيث اعتقدوا ان دماء السوريين وحدها ستكون الثمن لذلك ولعل حادث اسقاط الطائرة التركية التي انتهكت حرمة الاجواء السورية هو انذار ورسالة واضحة للساسة الاتراك وحلفاؤهم في الناتو وغيره مفادها ان الدم السوري لن يكون الوحيد في المذبح وان ثمن التراجيديا السورية سيكون باهضا على الجميع وما عليهم -وهم يرون نذر الحريق بدأت تطالهم -الا ان يرعووا ويسرعوا في اسدال الستارة ومغادرة المسرح قبل فوات الاوان ؟

  ثورة أون لاين  – د خلف علي المفتاح

 

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص