أنطون تشيخوف من طبيب إلى معالج أدبي

الثورة – عمار النعمة:

في منتصف يوليو من عام 1904، وفي منتجع “بادن فيلر” الألماني، كان أنطون بافلوفيتش تشيخوف يواجه لحظته الأخيرة بكل ما حمله من رقة على امتداد عمره القصير، لم يصرخ، لم يتشبث، لم يتذمر.. بل قال بهدوء للطبيب بالألمانية التي يتقنها قليلاً «إيخ شتيربي – إنني أموت»، ثم ترجمها لزوجته أولغا كنيبر، وكأنه يوقّع نهاية الرواية الأخيرة التي لم تُكتب.ذلك الموت لم يكن مجرد لحظة بيولوجية، بل تجسيد حي لأسلوب حياة تشيخوف ذاته، فعلى امتداد 44 عاماً، كانت حياته درساً في التواضع، والإبداع، والرغبة في ألا يزعج أحداً حتى في احتضاره.وُلد تشيخوف في 29 يناير 1860 بمدينة تاجنروج الروسية لعائلة متواضعة الجذور، انطلق في مسيرته كطبيب، لكنه سرعان ما وجد في الكتابة ملاذاً إنسانياً آخر، فراح يعالج الأرواح كما يعالج الأجساد، جمع بين الطب والأدب في معادلة نادرة، وكان يقول عن نفسه: “الطب زوجتي والأدب عشيقتي”.كتب مئات القصص القصيرة التي تحولت إلى أيقونات في الأدب العالمي، مستخدماً أسلوباً يتجاوز القصة التقليدية نحو تصوير الحياة كما هي، دون تجميل أو نهاية مغلقة، رفض الوعظ، واعتبر أن مهمة الكاتب هي طرح الأسئلة وليس تقديم الإجابات.

رغم إخفاق أول عرض لمسرحيته “النورس”، أعادها قسطنطين ستانيسلافسكي إلى الحياة عام 1898، ليبدأ فصل جديد في المسرح الروسي، فأعمال مثل “العم فانيا”، “الأخوات الثلاث”، و”بستان الكرز” لم تكن مجرد نصوص، بل تحديات فنية أعادت تعريف المزاج المسرحي.لم يكن تشيخوف مجرد كاتب، بل مراسل نهم، كتب ما يزيد عن 10 آلاف رسالة، حفظ منها 4400، وجُمعت في 12 مجلداً حيث تشكّل مرجعاً ثقافياً ومعرفياً نادراً، حتى إنه موّل بناء مكتب بريد قرب منزله ليسهل إرسالها، والذي تحول اليوم إلى متحف يعرض هذه الرسائل بحميميتها وبصيرتها الثاقبة.ترك تشيخوف بصمته على كتاب القصة والمسرح حول العالم، وتأثر به كتّاب عرب كثر، وصفه تولستوي بـ”بوشكين النثر الروسي”، وهي شهادة تكشف مكانته الفريدة في الأدب العالمي.في 15 يوليو 1904، رحل تشيخوف كما عاش، بهدوء، بأدب، وبألمٍ لا يُفصح عنه، لكنه ترك وراءه إرثاً لا يموت، يكشف عن الإنسان أكثر مما يكشف عن الكاتب.

آخر الأخبار
إعزاز تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد القائد عبد القادر الصالح  ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها