الثورة – فاديا هاشم:
في أزقة دمشق القديمة حيث تتشارك روائح الياسمين مع عبير القهوة، ويتسلل صوت المطرقة على المعدن ليحكي قصة مدينة جمعت بين الفن والتجارة منذ قرون، في أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ، لم تحفظ تراثها في الكتب وحسب.. بل حفظته في حجارتها وأسواقها وحرفيها الذين لا يزالون يقاومون الزمن.
تُعرف دمشق بأسواقها العتيقة، حيث تنتشر الحرف التقليدية وصناعة الخشب المصدف والسيوف الدمشقية وحرفة النحاسيات لتعطي لوحات دافئة تعج بالحياة.
التقت صحيفة الثورة الحرفي أحمد سبيني، الرجل السبعيني، يحمل في يده تاريخ عائلته الممتد لأربعة أجيال في صناعة النحاس، تغصّ ورشته بأطباق وأباريق مزخرفة كلها محفورة يدوياً بأشكال هندسية.
يقول سبيني: “نحن لا نصنع النحاس وحسب بل نصنع ذاكرة دمشق، لقد ورثت المهنة عن أبي، وأبي ورثها عن جدي، وهذا الفن الدمشقي العريق يستخدم في البيوت كما في الماضي، ويُقبل على شرائه السياح والمغتربون كقطع تذكارية أو قطع فنية تراثية”.
وبين أنه يعاني من غلاء المواد الخام وانخفاض عدد المتعلمين لهذه المهنة التي لا يريد لها أن تندثر، يقول: “دمشق ليست مجرد مدينة بل متحف مفتوح يعيش فيه التاريخ جنباً إلى جنب مع الحاضر، إذ نسمع صدى المدينة التي لا تموت”.