الثورة – فؤاد مسعد:
إن كان أول الغيث قطرة، وأول طريق النجاح خطوة، فأول طريق تحديث وتطوير صالات السينما في سوريا انطلق ودارت عجلته بشكل فعلي من السلمية.
كانت فكرة بحجم حلم وتحقق، إنها صالة “سينما سلمية” التي عادت إلى الحياة مجدداً بعد سنوات طويلة من الانقطاع، فهل تكون حافزاً لصالات أخرى في عموم المحافظات السورية، لتحذوا حذوها وتنطلق في عملية التحديث أو بناء صالات عرض جديدة بأفضل التجهيزات والمواصفات؟.
آخر صالة تم تحديثها بالقطاع الخاص كانت سينما الزهراء في حلب منذ عشر سنوات تقريباً، وتبعتها عام 2019 صالة الكندي في “قطاع عام، المؤسسة العامة للسينما”، ولكن بعد معاناة طويلة الأمد للصالات السينمائية، وفي وقت أقفلت الكثير منها أبوابها، يبزغ نور في الأفق، ويُفتح الباب من جديد ليشكّل بارقة أمل.
حول كيف كان وضع صالة العرض قبل الترميم، والدافع وراء تحديثها، والأفق المرجوة منها، كان لنا هذا اللقاء مع مدير المشروع يامن داوود، الذي تحدث بداية عن اسمها قائلاً:
اخترت أن يكون “سينما سلمية” تكريماً لهذه المدينة العريقة ولتاريخها الثقافي والفني، أردت أن يبقى اسم المدينة حاضراً في هوية المشروع، ليكون رمزاً لنهضة جديدة تعيد الحياة إلى الفن السابع في سلمية.
– كيف كان حال الصالة السينمائية قبل التجديد؟
كانت مغلقة منذ عام 1998، مهجورة ومُتعبة من الزمن، وقد فقدت بريقها الذي كان يوماً يجمع الناس حول الشاشة الكبيرة، كانت الجدران شاهدة على زمن مضى، والأجهزة متهالكة وغير صالحة للاستخدام، والذكريات محبوسة خلف الأبواب المغلقة.
– وكيف أصبح وضع الصالة اليوم “الآلات، الاتساع، التجهيزات الأخرى”؟
سينما سلمية اليوم صرح عصري مجهز بأحدث التقنيات، لدينا جهاز عرض احترافي بدقة عالية، وشاشة عملاقة تمنح تجربة بصرية فريدة، ونظام صوت محيطي متطور يجعل المشاهد يعيش الفيلم بكامل تفاصيله، الصالة مريحة وتتسع 375 شخصاً، مع إمكانية استضافة المؤتمرات والندوات والفعاليات الثقافية والموسيقية والمسرحي
– ما الدافع وراء تجديدها؟
كان الدافع مزيجاً من الحنين والرغبة في خدمة المدينة، فكلما كنت أمرّ من أمام الصالة أشعر أن المكان يستحق العودة للحياة، فالفن والسينما لغة عالمية قادرة على جمع الناس، ووجدت أن الوقت قد حان لنفتح هذا الباب من جديد.
بدأنا العمل بخطة واضحة، وبجهود ذاتية، اعتمدنا فيها على فريق محترف في الترميم والتجهيزات الحديثة، مع الحرص على الحفاظ على الروح الأصلية للمكان.
– كيف اجتمعت الجهود الذاتية الفردية لتحقق هذا الإنجاز؟
قام المشروع على جهود ذاتية بحتة، لكن النجاح تحقق بفضل الإصرار والشغف، إضافة إلى دعم مجموعة من الأصدقاء وأبناء المدينة الذين آمنوا بالفكرة، كل شخص ساهم بخبرته وجهده ليكون المشروع جاهزاً في أبهى صورة.
– هل سيكون للصالة جمهور حسب الدراسات التي تم إعداداها؟
نحن واثقون من وجود جمهور متعطش للسينما في سلمية، خاصةً أن المدينة غنية بالطاقات الثقافية والفنية، والدراسات الأولية وردود الأفعال التي وصلتنا تؤكد أن الناس متحمسون لعودة العروض السينمائية، وأن الصالة ستكون نقطة جذب للفعاليات والأنشطة ولمختلف الأعمار.
– ما الأفلام التي ستكون حاضرة فيها؟ وهل سيكون هناك اتفاقية مع شركات عالمية أو وسطاء لتأمين الأفلام الحديثة؟
الخطة تتضمن تقديم عروض سينمائية متنوعة، من الأفلام العربية والعالمية، الكلاسيكية والحديثة، لتلبية جميع الأذواق، سنعمل على إبرام اتفاقيات مع موزعين محليين وإقليميين لتأمين أحدث الأفلام، مع مراعاة حقوق العرض، هدفنا أن يحصل جمهور سلمية على تجربة مشاهدة تضاهي كبرى الصالات في المنطقة، بالإضافة إلى العروض المسرحية والحفلات الموسيقية والأمسيات الشعرية.
“سينما سلمية”.. ليست مجرد صالة عرض، بل نافذة على العالم، وجسر يربط الماضي بالحاضر، بعد غياب طويل تعود الشاشة الكبيرة لتضيء سلمية من جديد، وتؤكد أن الفن لا يموت، وأن للحلم قوة حين يقترن بالعزيمة.