الثورة – همسة زغيب:
سلام حامض، فنانة تشكيلية من مدينة إدلب، تجمع بين شغفها بالفن واهتمامها العميق بدراسة علم الاجتماع، ما يعكس نظرتها الإنسانية العميقة وقدرتها على التقاط التفاصيل الدقيقة للحياة اليومية والمجتمعية في أعمالها، رافقتها موهبة الرسم منذ طفولتها، فكانت وسيلتها للتعبير عن مشاعرها المتقلبة، فرحها وحزنها، طموحها وآلامها، ذلك كله وجد طريقه إلى لوحاتها التي تحمل صدى شخصيتها وصدق إحساسها.
مع انطلاق الثورة السورية، كرّست سلام موهبتها لخدمة القضية الوطنية، مستخدمة الفن كأداة للتوثيق والتعبير عن الأمل والصمود.
تناولت في أعمالها التي جسدت حالة الانتصار فرحة المجتمع السوري وشعور الفخر بالمعالم الأثرية والتاريخية التي تشكّل جزءًا من الهوية الوطنية، مقدمة من خلالها رؤية فنية تعكس الانتصار الثقافي والإنساني إلى جانب الانتصار الميداني والسياسي.
هذا الجانب في فنها جعل من لوحاتها شهادة حية عن قدرة الفن على توثيق اللحظات التاريخية، والجمع بين الجمال الفني والبعد الوطني.
كما تميزت سلام حامض بتناول القضايا الإنسانية العميقة في أعمالها، مثل كارثة الزلزال التي لم تمحَ من ذاكرة السوريين. فجسدت عبر لوحاتها صرخات الأطفال وحالات الاستنجاد واليأس التي عاشها الناس، لكنها لم تكتفِ بنقل الألم، بل ركّزت أيضاً على عنصر الأمل والمقاومة، مانحة المتلقي شعوراً بأن الضوء موجود رغم الظلام وأن الإنسان قادر على الصمود أمام أصعب الظروف.
هذه القدرة على الجمع بين الألم والأمل جعلت من أعمالها انعكاساً حقيقياً للتجربة الإنسانية المعاصرة.
سلام لم تعتمد على أي مساعدة خارجية لتطوير موهبتها، بل اعتمدت على نفسها بشكل كامل، مستفيدة من “التغذية البصرية” عبر متابعة أعمال فنانين مختلفين وتجارب متنوعة، واعتبرت الفشل خطوة أولى نحو النجاح، ما ساعدها على صقل مهاراتها وتوسيع قدراتها بشكل مستقل.
هذه التجربة الذاتية جعلت من أسلوبها الفني ناضجاً ومتعدد الأبعاد، يمزج بين التعبير النفسي، الإحساس الاجتماعي، والبعد الجمالي، ما جعل منها نموذجاً للفنانة المستقلة القادرة على تحويل الألم والتحدي إلى فن يُلهم ويثري المجتمع.