تأبطّت أوراقي بشغفٍ، باعتباري أحبذ عناء الكتابة على التسجيل الصوتيّ، رحت أبحث عن مكان الأمسية، وكل من التقيته يرشدني ذراعه إلى مبنى بعيد أتبعه.
وعند كل تقاطع أصدم بأنني لم أصل بعد، رغم سيري المسافات، هكذا دواليك، حتى نال البحث من ساعة وقتي، كفسحة صغيرة قضيتها برفقة طفليّ في ألعاب الأطفال التي قادنا إليها أحد الأدلاء صدفة لإيصالنا إلى حيث نبتغي.. ووصلت متأخرة “خير من ألا أصل” تواسيني بنات أفكاري بترداد الجملة.
دخلت المركز الإعلامي في مدينة المعارض، هناك، تنفست الصعداء أنني وصلت، كان الليل قد خيّم فشمس أيلول المقبل علينا خجولة بعض الشيء، والشعر دافئ بطبعه في كل الأماسي، يحاول أن يشعل ليل معرض دمشق الدولي المكتظ بالسوريين المشتاقين لهواء دمشق عاصمة الثقافة، القادمين من كل حدب وصوب، ليس توقّعاً مني، بقدر ما هو يقين، من لهجة الأدلاء الذين سألتهم الوِجهة، وأكثرهم يبررون عدم معرفتهم بأنهم قادمون للتو لحضور معرض دمشق، أتوا من منبج، الفرات، وإدلب.. فكان المعرض قِبلة السوريين حقاً.
وبالعودة إلى دفء الأمكنة وخيانة الوقت لشعرٍ منتظر، ربتت على كتف التأخر فكرة، صرّح لي بها مقدم الأمسيات الشعرية، أن أمسية يوم أمس قد “ألغيت” بسبب ذات الضياع وذات الخيانة، بحث الشعراء والمدعوون عن مكان الأمسية في مدينة المعارض، ولم يجدوها، صدق من سماها مدينة.. وصدق من قال: “والشّعراء يتبعهم الغاوون”، فرفقاً بالشعر أيّتها الأمكنة، فبه نجد ضالتنا مهما اهتدينا، وفي محرابه يكتمل المعنى.