من أساسيات الاستعداد لفصل الشتاء.. “السليقة” إحدى عادات السوريين التراثية

الثورة – زهور رمضان:

كانت ولا تزال “السليقة” أحد أشهر طقوس الريف السوري الممتزج مع ذكريات الطفولة وأيام الصيف الحار، كونها مرتبطة بعملية سلق الحنطة، التي اعتادت أغلب عائلات الريف على القيام بها، خاصة بعد موسم حصاد القمح بدءاً من شهر تموز وحتى أيلول من كل عام.

وفي ظل التقدم العلمي والصناعي اليوم، وبناء العديد من المنشآت الخاصة والعامة التي تعمل لتصنيع مادة البرغل، وتوفيرها للمواطنين، بالإضافة لعزوف العديد من العائلات عن مرحلة السليقة الضرورية لتموين مادة البرغل، إلا أنها تبقى جزءاً من تراث السوريين ومهنة لاتزال الأجيال تتوارثها إلى يومنا هذا.

مراحل السلق

يقول أبو محمود- الرجل المسن الذي ناهز الثمانين عاماً: إن مرحلة تصنيع السليقة تبدأ بعد تجميع الحنطة وتصويلها، وهي تشتمل على غسيل الحنطة، ونقعها في أوانٍ كبيرة، وتنظيفها عدة مرات من القش والبحص والزوان، وغيرها من الخلائط التي تحصد مع السنابل، قبل عملية فرز حب الحنطة، من ثم توضع الحنطة النظيفة ضمن أوانٍ كبيرة، تسمى حلة السلق أو الجعيلة، وغمرها بالماء وإشعال النار تحتها وخاصة من الحطب الرفيع ليبدأ الماء بالغليان بعد نحو نصف ساعة أو أكثر من السلق، ويتم الإبقاء على النار مشتعلة بهدوء، بعد مرحلة الغليان حتى تستوي ثم بعدها يتم إخراج الحنطة المسلوقة من الحلة بأوانٍ صغيرة تدعى السطول، ويتم نقلها إلى الأسطحة عبر طريقة الرفع بالحبل..وأشار إلى أن ذلك الشي الذي يتصارع عليه الأبناء، ثم تفرش على السطح أو على الشرفات، وتكون معرضة بشكل مناسب لأشعة الشمس، وعادة ما يتم تقليبها خلال عدة أيام لضمان تعرض كامل حب الحنطة للحرارة، وبعد عدة أيام يمكن جمع الحنطة من جديد في أكياس خيش وأخذها إلى الجاروشة التي تقوم بجرش الحب وتقطيع الحنطة، إما بشكل ناعم، أو خشن- حسب الرغبة، وتصنيع برغل المونة في الشتاء القاسي.

وأضاف: يلزم فرش البرغل المجروش مباشرة بعد جرشه لتعريضه من جديد لأشعة الشمس لضمان تنشيف البرغل قبل تخزينه لفصل الشتاء.

تقسية الحنطة

أما أم فراس، التي اعتادت على العمل في تصنيع البرغل ذكرت أن عملية سلق الحنطة، ما هي إلا عملية تقسية لحبة الحنطة عبر سلقها وتبريدها، وفي هذا الشي يمكن تخزينها طوال الشتاء من دون أن يصيبها التسوس أو الأمراض المتنوعة، وهكذا يمكنها المتاجرة بالبرغل وبالحنطة المدقوقة المستخدمة في تصنيع طبخة الهريسة المرغوبة لدى موائد السوريين بعد إضافة اللحم الأبيض والفروج إليها خاصة في الشتاء وأيام البرد القارس.

في حين أكدت أم حاتم التي تستمتع بسلق الحنطة كل صيف أنها ترسل لكل جيرانها صحناً من الحنطة المسلوقة، بعد إضافة السكر والزبدة، فيما يقوم بعض الناس بإضافة الشمرا وجوز الهند وخلط جميع المكونات مع بعضها وتقديمها للضيوف والجيران عند الزيارات.

مونة الشتاء

وبينت السيدة تمرة عيد، أنها تصنع البرغل كل صيف لتمونه لأبنائها في فصل الشتاء خاصة مع غلاء الخضراوات والاعتماد على الوجبات المنزلية كالبرغل والفريكة والكشك.

ويؤكد أحمد صارم أن السليقة، من أساسيات الاستعداد لفصل الشتاء في منطقة مصياف والساحل السوري، فهو يحتاج لخمسين كيلو من البرغل سنوياً، فيما يصل متوسط استهلاك البرغل للعائلة السورية في مناطق الداخل السوري وأرياف مصياف واللاذقية وطرطوس إلى أربعين كيلو للعائلة المشكلة من أربعة أطفال والوالدين.

وبين بسام شاعر أنه بعد طحن القمح المسلوق يتم استخراج عدة أنواع من البرغل الناعم الذي يدعى فريفيرا أو السميد والبرغل منه، والتي تشكل مادة أولية لأغلب الأكلات الشعبية، مثل البرغل، سميد الكبة، الكشك بعد إضافة اللبن للبرغل وتقطيعه وتشميسه، ليطبخ في أيام الشتاء ويقدم ضمن الزبادي مع اللحم الأحمر المهروس، وهي أكلة شعبية لا يمكن أن تنساها بعدما تتذوقها.

مهنة شاقة

أم يحيى التي اعتكفت عملية سلق القمح، تعتبر أن البرغل هو مسامير الركب، كما يطلق عليه في الموروث الشعبي القروي في أرياف مصياف وترى في البرغل أكلة شعبية شهية خاصة بعد إضافة الحمص المسلوق أو عدس المجدرة، وتؤكد أن السبب الرئيسي في اعتذارها عن هذا العمل هو الجهد والتعب اللذان تتعرض لهما خلال أيام السلق، كما ترى أن شراء الحنطة والبرغل الجاهز أفضل لصحة المرأة طالما تساعد زوجها في أعباء المنزل وتحمل تكاليف المصروف.

بيد أن هذا الطقس الجميل مهدد بالاندثار بسبب تراجع الكثير من أهالي المنطقة عن صنع السليقة لأنها تتطلب مجهوداً كبيراً في تحضيرها رغم أنها تبقى وجبة شعبية كبيرة خاصة عند الأطفال الذين يتجمعون حول النار ووعاء السلق بانتظار حصتهم التي يطمحون لأخذها.

آخر الأخبار
زيارة الرئيس الشرع للبيت الأبيض.. تحوّل المسار السوري وتوازنه إقليمياً ودولياً تصريحات أميركية بعد اجتماع الشرع مع ترامب بعد دقائق من دخول الشرع إلى "البيت الأبيض".. الخزانة الأميركية تصدر قراراً مهماً  مركز للتصوير بالأمواج فوق الصوتية في مركز الأورام بمستشفى اللاذقية الجامعي  الرئيس الشرع يصل "البيت الأبيض" ويبدأ محادثاته بجلسة مغلقة إعادة تأهيل 320 مدرسة في إدلب زيارة الرئيس الشرع لـ"البيت الأبيض".. ماذا تريد واشنطن من لقاء دمشق؟ بعد 116 يوماً على اختطافه.. الدفاع المدني يجدد مطالبته بالإفراج عن حمزة العمارين سوريا تطرق أبواب "التحالف الدولي".. هذه أبرز الانعكاسات على الخرائط السياسية والعسكرية   ثلاث مشاجرات وحالة إغماء.. حصيلة يوم في "كهرباء حمص"..!  30 ألف مستفيد سنوياً من خدمات مركز الإعاقة ومصابي الحرب وفد سويسري – ألماني يضع ملامح تطوير التعليم المهني في دمشق أجندة ترامب الشرق أوسطية.. لماذا زار الشرع واشنطن قبل صفقة بن سلمان الكبرى؟ بسلاح الحجة والعقلانية.. الرئيس الشرع يفرض الحوار من أجل إلغاء قانون "قيصر" خلال أقل من عام.. كيف أوصل الشيباني سوريا إلى مكاتب "البيت الأبيض"؟ "رويترز".. هل باتت الوكالة البريطانية الوسيلة الأخيرة لترويج تنظيم "داعش" في سوريا؟ ماذا تعني الاتفاقية الأمنية الجديدة بين سوريا وإسرائيل؟ لماذا يترقب لبنان نتائج زيارة الرئيس الشرع إلى "البيت الأبيض"؟ "تجارة حلب" تبحث تحديات قطاع المواد الكيماوية للأدوية ومواد التجميل بعد ارتفاع تعرفة الكهرباء.. المنتج المحلي عاجز عن منافسة المستورد