الثورة – أحمد صلال – باريس:
يصور الفنان في موضوعه الإنسان الذي يتناوله في فن الكاريكاتير، وهو المصدر الرئيسي الذي يعبر عن الإبداع من خلال هموم الناس ومشكلاتهم، هكذا يرى رسام الكاريكاتير السوري موفق قات مهمة فن الكاريكاتير الأساسية، والتي قام بتأديتها لأكثر من خمسة وعشرين عاماً.

كيف مضت هذه الأعوام على موفق قات كرسام كاريكاتير، بكل ما حملته من تحديات وعقبات وجهد؟ هذا ما حدثنا به الفنان خلال لقاءه مع صحيفة “الثورة”:
-إلى أي مدى يمكن النظر إلى فن الكاريكاتير كفن معاصر يومي، ومعني بهموم الناس؟
يصور الفنان في موضوعه الإنسان الذي يتناوله في الكاريكاتير، وهو المصدر الرئيسي الذي يعبر عن الإبداع من خلال هموم الناس ومشكلاتهم، تعتبر وسائل التعبير الفني العديدة، ومنها الكاريكاتير، عناصر فعالة في تصوير الواقع، إن الفنان هو مرآة لمجتمعه.
في العمل الصحفي، يعتبر الكاريكاتير أحد وسائل التعبير عن الواقع الحي الذي نعيشه بصدق وموضوعية، بلغة بصرية مؤثرة على المتلقي، تختزل الصورة الحدث وتعطيه طابعاً ساخراً، مما يجعل المتلقي يقف عندها ليكتشف خباياها وأبعادها العميقة، ويقف على أسبابها ونتائجها.
-كيف تنظر إلى أهمية الكاريكاتير في تشكيل الرأي العام أو في توجيه الرأي العام حول القضايا الوطنية وهموم المجتمع؟
يعتبر الفنان الساخر إنساناً مبدعاً يمتلك القدرة على التنبؤ، من خلال طرحه لمواضيع فنية ساخرة نابعة من معاناة الناس، هؤلاء الناس هم في النهاية جزء من المجتمع والسلطة، غير منفصلين عنها، كما هو الحال في الفن التشكيلي.
– كيف يمكن تعزيز ممارسة حرية التعبير من خلال فن الكاريكاتير؟

يعتبر الفن الساخر أداة فعالة في مجال الفن، إذ يمتلك خاصية النقد البناء والهادف، لما له من تأثير على الإنسان في شتى المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فهو يعالج قضايا تهم الناس بأسلوب ساخر لاذع أحياناً، ولكن يعالج الخطأ بطريقة غير مباشرة من خلال المبالغة في الطرح، للوصول إلى المعالجة المنشودة.
-أنت أحد رواد صناعة أفلام الأنيميشن في سوريا، كيف تقيّم تجربتك هذه؟
الكاريكاتير يهدف إلى توجيه رسالة واضحة وصريحة بأسلوب ساخر، فالفنان الساخر يختار موضوعه بعناية ودقة، ويعمل على إخراجه بأسلوب بسيط وواضح وسهل الفهم للجميع، بعيداً عن التعقيد.
لأن غايته ليست الضحك، وإنما إيقاظ الوعي لدى المتلقي حول قضية معينة، سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية.
وفي هذا المجال، نجد أن العديد من الرسامين العالميين قد برعوا في هذا النوع من الفن وأصبحوا نجوماً عالمية، مثل (دافيد لو) في بريطانيا الذي عمل في صحيفة “التايمز” اللندنية منذ عام 1930 حتى وفاته عام 1983، والذي عُرف بمعارضته للأنظمة الدكتاتورية.
وخلال مسيرة هذا الفن الصحفي، تطورت أساليبه في التعبير.
أصبح الكاريكاتير من أهم الفنون الصحفية التي تعنى بشؤون الناس، ولا يخلو أي إصدار صحفي من زاوية كاريكاتورية، لما تمتاز به من بساطة وسرعة في إيصال الفكرة والحدث إلى الجمهور، بالإضافة إلى الحبكة الفنية والإبداعية في التناول الصحفي بمختلف اتجاهاته.
-هل تعتقد أن الفن يلعب دوراً في التعريف بالثقافة العربية في بلدان الاغتراب والمنفى؟ وفي خلق التواصل مع المجتمعات الجديدة؟
تتميز الفكرة أو الوسيلة الصحفية الحديثة بالقدرة على التأثير في الرأي العام، وإثارة ردود فعل متنوعة.
إذ تهيمن وسائل التواصل على جميع المجالات، وتوجهها نحو قضايا معينة تشكل أكثر من غيرها محاور مهمة.
-كفنان تشكيلي، كيف تنظر إلى التحولات القائمة في سوريا اليوم؟
إن الفنان الساخر في رسوماته له رؤية شمولية، ينظر من خلالها إلى المجتمع بما يحتويه من تناقضات، ويعبر عنها بأسلوبه الخاص، فالفنان الساخر هو بمثابة ضمير المجتمع، يسعى دائماً إلى إصلاح ما يمكن إصلاحه من خلال نقده اللاذع أحياناً، ولكن بأسلوب حضاري، بعيد عن التهكم أو الإساءة الشخصية. الرسومات الساخرة لا تقل أهمية عن المقالات الصحفية، بل تتفوق عليها في بعض الأحيان، لأنها تلامس مشاعر الناس مباشرة، وتصل إلى عقولهم بسرعة، لما فيها من اختزال للفكرة والمضمون في آنٍ واحد.
-كيف تنظر إلى مستقبل حرية الرأي والتعبير في سوريا، بين عهد الديكتاتوريات وزمن التغيير القادم؟
إن النقد الساخر واللاذع، الصادق في جوهره، يعتبر من أقوى العناصر التي تسهم في بناء الإنسان، لأنه يدفعه إلى التفكير، والنظر نحو معالجة شاملة لمشكلات الحياة اليومية في السياسة، والاجتماع، والاقتصاد، والفكر.
– أقيمت لك عدة معارض فنية في كندا، كان آخرها قبل شهر، كيف تقيّم هذه التجربة؟ لقد أقمتُ ثلاثة معارض تشكيلية في كندا، ولكن للأسف، أصبح الفن التشكيلي ذوقاً لكثيرين، في ظل هيمنة الشاشات، قلّ الاهتمام، وأصبحت المعارض أقلّ حضوراً مما كانت عليه في السابق. أما بالنسبة لي، فإن الرسم يمثل المساحة الوحيدة لي، واللعب بالألوان يشبه براءة الطفولة، إنه كالغناء المنفرد متعة ذاتية بحد ذاتها.