ثورة أون لاين: في الوقت الراهن وفي زمن الحرب على سورية اختلفت المحاولات في كتابة الشعر وتباينت وتزاحمت على الساحة الثقافية فجاءت على شكل تجارب منها من يعبر عن حضور موهبة حقيقية ومنها من يحاول أن ياخذ مكانا ومنها من ظل يعمل ويثابر حتى يصل إلى نتيجة مقنعة سواء كان يمتلك موهبة أم لا.
وتأتي تجربة الشاعر محمد علي الشعار منوعة بين التفعيلة والشطرين معتمدة على النغمة الموسيقية في بحور الشعر ومحاولة تشكيل الاشعار بصور ودلالات تبشر بمستقبل شاعر واعد نظرا لوجود التجربة الحقيقية والتي تكمن في كتابه الصادر حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب بعنوان “أنساق الغياب” ومنها قصيدته بعنوان” شرفة خارج السور” التي يقول فيها..
“يطرز بالاحلام شرخ شبابه .. فتبرد في جفنيه ثم تفور يقوس افق الذكريات سفينة .. ويبحر في الانوار وهو ضرير فما أصعب الأمواج حين ترودها .. اذا اليم شوك والشراع حر”.
على حين تذهب تجربة الشاعرة نصرة ابراهيم في مجموعتها الصادرة عن دار الغانم بعنوان قال الشهيد إلى النثر الشعري الذي يعتمد على مشاعر امرأة رصدت في محاولتها الحرب على سورية عبر تشكيلات كلامية ترقى الى مستوى الادب وتحاول ان تعوض بالدلالات عن الموسيقا والعروض حيث تقول في قصيدة /واشهد باسم الوطن ..
“على باب الوطن نسيت
كل الاسئلة المنمقة
عن ظهر تاريخ موغل في أكاذيب التأريخ
وأنا اقرأ بكفي السنابل البسملة .. على باب الوطن”.
وفي الوقت عينه اختلفت تجربة الشاعر أوس احمد أسعد وذهبت إلى عبارات نثرية موزعة في صفحات مجموعته “سوناتا ..عذوبة تبعثر الكستناء” الصادرة عن هيئة الكتاب محاولا ان يملأ صفحاته بألفاظ تجتمع لتكون ومضة قد توءدي دورها أحيانا وقد تعجز عن ذلك يقول في قصيدته عامل النظافة ..
“بعربة .. خضراء .. وعلى مقربة .. من غروب.. شحيح انتحى شجرة .. زنزلخت .. تعانق ظلها .. وغيم عابر.. شمر عن قلبه .. فاستجاب”.
أما الشاعرة عبير عطوة في مجموعتها الصادرة عن دار بعل بعنوان “قيامة الخيول” فاشتغلت على تكثيف افكارها مجربة العبارات النثرية لتصل بها إلى مستوى الشعر والتي ارتقت عندها غالبا الى ألق تعبيري الا ان الشعر ولا سيما في مجال النثر يبقى صعبا ويحتاج الى زمن اطول يقضيه المجرب بالمطالعة والمحاولة والمتابعة فقالت في قصيدتها صهوة جناح.. “عين طائر .. ملء عيني يغويني فيك يا حر .. هذا الرقص العبثي في جناحيك .. وانت الطليق .. حملت على جسدك الغض .. عرش السماء”.
كما جاءت تجربة الشاعرة طهران الصارم في سياق عاطفة الأنثى المتأثرة بالحرب على وطنها في نثر انتقائي يتكون من عاطفة وأحداث وحب حيث جاء في قصيدتها التي سميت المجموعة باسمها على مرمى رصاصة والصادرة عن هيئة الكتاب حيث تقول..
“من صفع وجه دمشق .. يجرح الان كف بغداد قطعوا حبيبي بيني وبينك .. حبل السرة وقالوا .. نحفر قبرا طويلا .. طويلا ندفع فيه الاعراب”.
واتت تجربة الشاعرة مرام النسر ملتزمة ببحور الخليل وبالموضوع القصصي للسرد الشعري دون ان تترك للعاطفة أثرا في قصها الشعري معتبرة أن الأهم من ذلك هو حركة الحدث الدرامي الذي يتطلب بداية ونهاية فقط اضافة الى الوزن تقول في قصيدتها “ادانة” وهي إحدى قصائد مجموعتها الشعرية التي جاءت بعنوان البيان..
“هم برأوه ووجهوا النظرات لي .. هم أكرموه و هدني زيف الانام وقبح ذاك المعتلي”.
وترصد عائدة محمد في مجموعتها تبادل سلبي ما يعتمل في داخلها كامرأة ترغب بان تكون شاعرة في كلماتها وتعابيرها دون ان تحقق هدفها ذاهبة إلى مستوى جيد من الادب الشبيه بمقالة قصصية مفعمة بالحب والجمال كما جاء في نصها /حتى الهدايا / ..
“على شفتي القصيدة تنتظر .. فاذهب ما شئت ولا تخف سأعد كأسين ونجمتين لليلنا”.
وترتقي العبارة الأدبية عند سامر كحل في مجموعته /مائدة الوقت/ الصادرة عن هيئة الكتاب مؤدية كلاما حديثا متكئا على التراث ومتواصلا مع الماضي عبر ألفاظ عفوية كقوله في قصيدة استسلام..
“على صهوات جياد الخيال .. قوافل قافيتي وفروسية الكلمات”.
واصدرت دار ليندا للطباعة والنشر مجموعة للشاعر عادل البعيني بعنوان “النهر يقطر في فمي ” في اطار التجربة النفسية الحديثة التي ظلت تهرول لتأخذ مكانا في عالم الشعر محققة حضورا نثريا بسيطا ويعبر عن نزعة ذاتية كقوله في نص عبور.. “أتساءل في دهش .. كيف عبرت نهر حياتي وأنت تغرقين في كأس ماء”.
والتفاوت الذي حكم مستوى هذه الإصدارات عائد في جزء منه لدور النشر التي قامت بطباعتها ما يشير إلى الدور الإيجابي الذي تؤديه المؤسسات الرسمية في تحقيق الحضور الأدبي الجيد الذي يتحدى الحرب ويستمر في إصدار الأعمال الشعرية.
سانا