ثمة من يرى العسل رمزا لكل شيء جميل وحلو المذاق , كلامه ينقط عسل , ولسانه عسل , وطعامه عسل ,
وعلى قلبي أحلى من العسل , مرويات كثيرة تدل على أن هذا المنتج الذي يفترض أنه أصيل ونقي وشفاف صار رمزا لأشياء كثيرة , ومع أني لست من محبيه , لكن لايمنع أن استعير الكثير مما يقال عنه ويستخدم ضمن استعارات إنسانية بلاغية , أليس الإنسان كائنا استعاريا ..؟ لم يترك شيئا في الطبيعة , أو مما يحيط به إلا واستعاره , تارة لشيء جميل , ومرات أخرى لغير ذلك تمويها ,من العسل الذي تبدأ معه خصوبات الحياة كما يقال ( شهر العسل ) إلى ما فيه من توريات تشي بما لا نريد أن نقوله ونعلنه صراحة بدءا من الجملة المشهورة (النوم في العسل ) إلى التعسيلة التي شدني إليها مقطع أو مشهد, أو لقطة من المسلسل السوري الشهير ( ضيعة ضايعة ) على وقع استمرار (زمور الخطر ) يقول رئيس المخفر لمساعده : سوف آخذ تعسيلة كون الزمور شغالا , بمعنى آخر : الكل قابع وخائف , ومنزو في منزله لأن الخطر محدق , يعلنه هذا الصوت المنبعث من المخفر , يرد معاون رئيس المخفر : وانا سيدي سوف آخذ تعسيلة فهل تسمح لي ..؟
يغطان في نوم عميق , وأهالي القرية في بيوتهم , لا حركة ولا حراك , لاشيء يدعو المخفر لليقظة , الكل في تعسيلة , مشهد يحمل الكثير مما تمر به شعوب المنطقة والعالم , تعسيلة دائمة على وقع الخطر المحدق , شياطين المال تسرح وتمرح بكل مكان , جرس الإنذار يقرع من مكان ما , صوته لايعني أنه فعلا ينبه إلى خطر محدق , مع أن الحقيقة يجب أن تكون كذلك , المشهد العالمي , هو الضيعة الضائعة , ليس على حدود جغرافيا ما , بل بكل الحدود العالمية , ممالك الرمال , مال النفط , قوة الغرب التقنية والمالية , وسائل الضخ الإعلامي , قطيع الشعوب التي لا تعرف إلا الاستهلاك لكل ما هو آت من الغرب , وعلى مبدأ كل فرنجي برنجي ..
التعسيلة العالمية , مستمرة , وإذا ما استيقظ شعب ما , وقال : لا , أريد طريقي التي أعبدها بنفسي وقدراتي , سيكون دريئة لحرابهم , توجه إليه , يمزق يشتت , يختلقون له الأعداء من كل حدب وصوب , من الماضي , الحاضر , يرسمون غده حيث أقبية تآمرهم , المهم أن يبقى تحت سياطهم , وعيونهم ترقبه من الداخل والخارج , كل حركة وسكنة مرصودة , في التربية والثقافة والإعلام , الوجهة مضبوطة على إيقاع سكة الخراب التي ترسم بعناية ودقة , وحين توضع الأمم والشعوب على مسارها وتمضي قليلا على هذا المسار , يصبح الخراب تآكلا ذاتيا , ينكفئ دور من وضعها على السكة , ليبدأ دور آخر , البكاء على الشعوب , بدمع غزير , ألم يقل هندي أحمر واصفا فظائع الأميركيين : ما أغزر دموع هؤلاء الأميركيين فوق جثث ضحاياهم ..!
وعلى ما يبدو أن التعسيلة عالمية , والاصوات كلها هباء منثور , بل ربما القول : إنه النوم في العسل , عسل الدبابير , ,وإن كانت لا تنتج عسلا و لكنها من باب الاستعارة التي اعتدنا عليها نعلن : إن لله جنودا من عسل احذروهم ..
التاريخ: الجمعة 19-10-2018
الرقم: 16815