هل بتنا ونحن على أسوار ولادة جديدة هي الأعسر في ذاكرتنا بعد تلك المخاضات الطويلة من الوجع والألم والغربة، نتسول الحب والدفء والصدق والوجدانيات؟، هل أصابنا هذا القحط الاجتماعي في مقتل ؟ هل وصلنا الى هذه المرحلة الخطيرة من العوز الوجداني التي لا ينفع معها لا طبٌ ولا طبيب؟.
سيول جارفة من الأسئلة والتساؤلات باتت تجتاح وتحاصر ضمائرنا من كل اتجاه، وباتت تزاحمنا في المكان والقلب والروح الى حدود لم يعد فيها متسع لطيب العيش ورغده، فكل شيء أصبح بلا طعم ولا لون في غياب العاطفة والوجدان والتقارب الاجتماعي.
الصورة باتت شاحبة للغاية إن لم تكن سوداوية مظلمة، والمشاهد المحزنة التي تصيب سهامها السامة سويداء القلب أضحت أكبر من أن يتحملها الفؤاد، بل غدت عبئاً ثقيلاً وكابوساً مخيفاً على الذاكرة المثقلة أصلاً بوجع وحزن سنوات الحرب الماضية، فالواقع الاجتماعي والعاطفي والوجداني الذي أفرزته سنوات الوجع والغربة أصبح كالوحش الشرس الذي يلتهم كل ما يأتي في طريقه من مشاعر وأحاسيس ونبضات للروح والحياة، مع أننا كنا نتوقع ان أوجاع الحرب قد صقلت مشاعرنا وأحاسيسنا وضمائرنا لتغدو أرق وأطهر وأنقى، لكن على مايبدو أنها استطاعت أن تغتال وتخطف الجزء الأكبر من نُبلنا وطهارتنا.
هل هناك عودة من غربتنا هذه ؟ ..نعم بالتأكيد، فكل ما نحتاجه هو وقفة مع الضمير لكي نصحو من غيبوبتنا التي طالت كثيراً، لتستعيد معها روحنا نبضاتها التي اختارت أن تتوقف أمام هذا القحط الوجداني المحزن جداً.
فردوس دياب
التاريخ: الاثنين 22-10-2018
الرقم: 16816