ليس الكيل وحده الذي طفح، وإنما الشوارع والساحات والأزقة والأنفاق، وصولاً إلى الأبنية والأقبة والمحال، فجميعها ودونما استثناء غرقت مع أرصفتها ومنصفاتها وحفرها في شبر ماء، في مشهد مخجل ومحزن في آن معاً يتكرر وفي صورة طبق الأصل عن سيناريوهات أمطار نيسان وأيار الماضيين حيث تم تسجيل دروس بالجملة لكن وللأسف دون أن يكون لها ولو عبرة واحدة لدى محافظتنا الذي ينطبق عليها قول (لا تندهي).
عاصمتنا سجلت يوم أول أمس حالة فريدة من نوعها تمثلت بظاهرة سباحة جماعية اشترك فيها المواطنون والمركبات على اختلاف أنواعها وأحجامها والدراجات والعربات ليس فقط نتيجة خيرات السماء العابرة التي عمت مختلف الأرجاء، وإنما بسبب شبكة صرفنا الصحي التي وقفت عاجزة مشلولة (لا حول ولا قوة) أمام عشرات أو مئات المليمترات من الأمطار التي استطاعت ليس فقط إماطة اللثام عن عجز وسوء تدبير دوائر خدماتنا الفنية عن إدارة ملف تصريف الهطولات المطرية، وإنما كشفت أيضاً عن عورة التخبط وغياب التخطيط والرؤى (الثاقبة لا المثقوبة) والاستراتيجيات عن جدول أعمال تلك المجالس والدوائر التي أثبتت فشلها في أول امتحان شتوي لها خلال موسم هذا العام على السباحة في كوب ماء.
ما حدث يدعونا جميعاً للتساؤل، إلى متى سنبقى عرضة لما تخبئه لنا منخفضاتنا الجوية، وإلى متى سنبقى ننتظر مفاجآت أعضاء مجالسنا المحلية.
ما جرى يدفعنا للاستفسار عن مليارات الليرات السورية التي ترصدها الدولة سنوياً لتنفيذ الخطط والبرامج الخدمية وتوسيع وتطوير البنى التحتية ولا سيما الخاصة منها وعلى وجه التحديد شبكة الصرف الصحي التي بات وبحكم المؤكد أنها مجهزة بأغلى وأفضل وأحدث أجهزة التقطير لا التصريف، وإلا لما غرقنا جميعاً وخلال أقل من ساعة واحدة في ساحاتنا وشوارعنا.
ما تم تسجيله يوم أمس الأول يدعونا للتفكير جدياً (إذا بقي الحال على ما هو عليه) في إحداث فوج خاص للإنقاذ ليقف جنباً إلى جنب مع فوج الإطفاء الذي كان وما زال يسجل النجاح تلو النجاح في كل مرة تستند إليه مهمة تصريف مياه الأمطار لإطفاء حالة عدم رضا الشارع من قلة حيلة سوء تدبير من كان وما زال يدعي أنه كان بها خبيراً.
عامر ياغي
التاريخ: الأثنين 22-10-2018
رقم العدد : 16816