عندما نريد اجتياز الطريق من رصيف الى رصيف ، نركز نظرنا على اتجاه السير ،منتظرين فسحة تتيح لنا العبور . وهذا بالضبط ما فعلته زميلة متقاعدة ، لكن ضربة مفاجئة جاءتها من دراجة عادية كانت تسلك في عكس اتجاه السير ،فوقعت على الأرض وانكسر كتفها.
زاروها في المشفى ، قالوا لها : احمدي ربك أنها دراجة عادية وليست نارية وأنها ليست سيارة اوميكروباصا ، لكنت الان في العناية المشددة!! حتى في الماتم نكتم ضحكة عندما نسمع تعليقا ناشذا -بالمقلوب- التقط صديقي الكلمة وردد : هذا افضل توصيف لحركة السير في دمشق الان ، ليست نزقة أو مجنونة أو مرعبة وحسب بل هي بالمقلوب ….!! سيارات على الأرصفة – سيارات بجانب اﻻرصفة – سيارات صف ثان – باصات مزدحمة جدا (عناقيد من بشر على البابين الاول والأوسط ) ، ميكروباصات على الواقف ، ابواق عالية تكاد تسقطنا ارضا ، اغان صاخبة ،شاي ودخان ووقوف مفاجيء ، دراجات نارية لا تلتزم بالاشارات الضوئية ، مشاة لا يتقيدون بقواعد المرور ، يعبرون على الاشارة الخضراء للسيارات ويقفزون فوق المنصف الحجري المطلي بالزيت المحروق الاسود غير عابئين بثيابهم – وقد غدت غالية حتى في البالة – .
على الرغم من ذلك فإن ضحايا حركة السير في سورية 434- وفاة في العام 2017 حسب موقع وزارة النقل السورية -الاكتروني- و3840 جريحا . يقول تقرير منظمة الصحة العالمية عن حوادث الطرق في العالم 2017 – ان نسبة موتى المصدومين بسيارات تسير بسرعة 50كم/ سا – هي 20./. وأغلب حوادثنا داخل المدن (3840) جريحا في السنة ذاتها. لسنا الأسوأ في عالم يودع كل يوم 3000 شاب من شبان العالم بسبب حوادث الطرق التي تقتل كل سنة 1،25 مليون انسان من سكان الكرة الأرضة حسب تقرير منظمة الصحة العالمية التي ترى ان حوادث الطرق ستصبح السبب السابع للوفاة في العالم في العام 2030 ، لكننا قد نكون الاكثر نزقا . نعم نراهم وكأنهم في مبارزة . ونسمعهم يشتمون بعضهم بعضا ، ويصدمون . ونتساءل هل الحل ممكن ….؟
بالتأكيد ممكن عبر إرادة حازمة تعثر على اراض (وهي متوفرة ) لبناء مرائب عامة ، ونحتاج همة عالية لتشييد جسور جديدة وحفر انفاق لتسهيل حركة السير. الحل يحتاج الى بنية تحتية لم تبن خلال 8سنوات بسبب الحرب والمهمة تقع على عاتق وزارات النقل والاشغال العامة والادارة المحلية والبيئة و إدارة المرور ، صحيح انها تنظم ولا تغير ، لكنها مطالبة بأداء يقي السائق من المخالفة قبل ان يقترفها….!
والمسوغات كامنة في حياة وصحة الناس الجسدية والنفسية.
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 25-10-2018
الرقم: 16819