لم يكن عاماً هيناً هذا الذي شارف على الانتهاء.. وعلى مختلف الصُعُد.. فكل متر من أرض سورية سقاها الشباب من دمهم رجولة وطهراً نضحتهما البزّة العسكرية.
لم يكن العام المنقضي هيناً على المواطن الذي مازال يكافح لتحصيل لقمته، مبدعاً ميزانيات تعجز عنها أعتى عقول المالية ليخلق توازناً بين دخل ضعيف وإنفاق يتجاوز -بحده الأدنى- الدخل بعشرات الأمثال..
لم يكن هيناً بحرّه وبرده.. بفقدان بعض المواد اليوم وبعض المتطلبات الأخرى غداً..
قد يكون البعض مقدراً عمل الحكومة وقد لا يفعل البعض الأخر، وبين هذا وذاك وضعت المواطن بوصلة عمل لها.. والمواطن يستحق ذلك، وللإنصاف فأزمات توفر المواد ليست الانعكاس الحقيقي للعمل التنفيذي، لجهة أن بعض التفاصيل اليومية التي ألفتها العين تشكّل صلب الماكينة التي تدور بلا انقطاع لخدمة البلاد..
لم يتوقف ترحيل القمامة يوماً واحداً، والكل يتذكر بدايات الأزمة يوم تأخرت تلك الخدمة بضعة أيام -ليس إلا- كيف كان الحال.. والمشافي لم تغلق باباً أو حتى تخرج سريراً واحداً من الخدمة، ولم تشكُ نقصاً في مادة واحدة، وكذلك حال المدارس والجامعات والقمح والطحين والأفران وحليب الأطفال.. لم يُغلِق نادياً واحداً أبوابه.. كما الطيران والنقل البري لم يتوقفا يوماً واحداً.. بل حتى المساكن استمر إنشاؤها وتسليمها لمستحقيها، وكلها خدمات مألوفة لدرجة لم نعد نميزها، ليس لأن المنة عنوان الخدمة بل لأن حرب السنوات الثمانية استنزفت مواردنا وطاقاتنا إلا قليلاً، ومع ذلك استمرت السلطة التنفيذية في إيصال الخدمة.
لا ينكر أحد حق المواطن (الذي صبر كثيراً جداً على ظروف الحرب) في الأفضل، وهو واجب الحكومة.. ولكن الأولويات تحكم الأمور.. وقد تكون صورة الأمور على غير ما نشتهي.. ولكن تكفي صورة من كان مهجراً وعاد إلى بيته مصحوباً بوصول الخدمات الأساسية، حتى ندرك حجم ما قمنا به وما نستطيع القيام به تالياً..
لم يكن العام الحالي هيناً.. ولكنه الطرقة الأخيرة قبل انهيار جدار غمام الأزمة الأسود.
مازن جلال خيربك
التاريخ: الأحد 30-12-2018
رقم العدد : 16873
التالي