مازال قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب الأحادي وغير المشروط من سورية يثير امتعاض العديد من الأطراف وخاصة «صقور» الإدارة الأميركية الذين تفرّغوا لطمأنة حلفائهم في الكيان الصهيوني من أن الانسحاب المزمع تنفيذه خلال الفترة القادمة لن يكون على حساب مصالحهم ومصالح كيانهم الغاصب.
فبعد أن أدّى وزير الخارجية مايك بومبيو دوره «بإخلاص» في هذا المجال خلال لقائه نتنياهو بالبرازيل مؤخراً، طار مستشار الأمن القومي جون بولتون ذو الوجه الحاقد إلى تل أبيب ليبشر الإسرائيليين بأن لا وجود لجدول زمني للانسحاب، وأن القرار بشأن الوجود الأميركي في منطقة التنف السورية لن يتخذ قبل «مشاورة» كل من إسرائيل والأردن وتفهم هواجسهما.
من الواضح أن قرار ترامب الذي تم اتخاذه دون مشاورات داخل الإدارة الأميركية وأدى لاستقالة أكثر من مسؤول أميركي رفيع كنوع من الاعتراض عليه، ما يزال في طور الأخذ والرد داخل واشنطن من أجل تأجيل أو تبطيء تنفيذه والتقليل من حجم تداعياته المحتملة، بعد أن أبدت العديد من الأطراف امتعاضها منه ولا سيما الكيان الصهيوني، ومع وجود رئيس مزاجي مأزوم في البيت الأبيض ومستشارين مغرقين في تصهينهم مثل بولتون، قد يخضع القرار المذكور لخروقات جديدة تجعله ناقصاً وغير تام، فاستمرار الوجود الأميركي في منطقة التنف مثلا لا يمكن اعتباره سوى عقدة جديدة في مسار الحل النهائي للأزمة في سورية.
في مطلق الأحوال ليس قرار ترامب هدية لسورية كي نقوم بشكره عليها، بل هو انصياع لإرادة السوريين الذين تحملوا خلال السنوات الماضية تدخلات أميركا المعرقلة للحل السياسي واعتداءاتها الغادرة وجرائم تحالفها المزعوم إلى جانب دعمها المتواصل للإرهاب، وفي حال تراجع عن قرار الانسحاب لأي سبب من الأسباب فلا شيء يمنع السوريين من مقاومة الاحتلال الأميركي واستعادة سيادتهم على كامل ترابهم الوطني وهم قادرون على ذلك.
عبد الحليم سعود
التاريخ: الأثنين 7-1-2019
رقم العدد : 16878