كلما هزني حدث ما.. أمشي وأنا مطرقة الى اسفل قدمي, كأني اعد خطواتي, وأعرض عن الاعلى..!
مع الوقت تعتاد هذه الانحناءة, خاصة بعد ان تكتشف قيما أخرى مختلفة, كأنك تتابع مشهداً غرائبياً, صنع خصيصا لمن يفكر بالانحناء لالتقاط بقايا حياة مرت من تحت اقدامنا بينما كنا نعبر سريعا وندوس على حياتنا الحقيقية, معتقدين اننا تمكنا من فهم ماحولنا..!
كنا دائما نركز على الأعلى, اعتقدنا أن النظر الى الأسفل مضيعة للوقت, أنت تنظر الى الاسفل, وتتأمل ذاتك, وتعيد اكتشافها, بينما كل شيء حولك يرتجف سريعا, ويعبر الى حلمه, بلا أدنى جهد, من امتشق حلمه سريعا, دون أدنى جهد, قد لايرضيه اي مقارنة مع فارس امتشق سيفه وأطلق له العنان على فرس لم تعرف الهزيمة قط..!
تتابع سيرك.. لاتفكر حتى بالنظر الى اعلى, تعتاد رؤية الاطفال والمنكوبين, والمتألمين…تشعر أنك في مدينة تحاكي هيئة البشر, إنها أمكنة تصغر الأجساد الى حد التلاشي..!
السيارات المسرعة, واجهات المحلات الممتلئة ألوانا وبهجة.. البهرجة الزائفة, لاتعرفها العوالم السفلية, علامتهم الفارقة انتظارهم أمل أصم..!
حين ترفع رأسك الى الاعلى وتخفضه سريعا, تنافر وتناقض تنقلك اليه عربات واقعية بعيداً عن مصادر التخيل تعيد قراءة المدن, أثر نكباتها, كأن لاشيء حدث.., البطل الحقيقي, ليس الصبر, ولا الانتظار, ولا حتى الامل فاقد الحواس, انه ذلك الجدل والصراع الخفي بين الاعلى والاسفل..
بصريا وذهنيا.. بإمكانك أنت القابع في مكان وسطي, أن تعيد تنظيم التكتلات ورسم تقاطع المستويين, ولكن واقعيا انت مقيد لايمكنك الا أن تمنح أفكارك شرعيتها الواقعية, هي تلزمك بدلالاتها, بحركتها, بكل تلك الوجوه المتعبة.. بكل هذا الثبات والرسوخ الذي قارعت فيه حربا طويلة, موقنة ان لحظة هانئة ستنهض متكتلة زاحفة نحوها..
ولكن هاهي ودون مسافة امان تعاند احساس ديمومتها, معاناة أفرطت في التحامها بهم, لايفيد تربيتك عليهم ولا اقترابك منهم.. أو التعاطف والتوجع لأجلهم.. يحتاجون لشهيق وزفير يعيد اليهم الحياة..!
سعاد زاهر
soadzz@yahoo.com
التاريخ: الأثنين 7-1-2019
رقم العدد : 16878