ولا حتى ضحكة…حتى ان كانت تفكر بالضحك سرعان ماتكتمها, صمت مريب جعلها تشعر بالندم لاقتراحها الغريب «تناول الغداء خارجا» في جو ثلجي, اضطرت معه الى قطع مسافة ربع ساعة بأكثر من ساعتين ونصف..
تراكم الثلج على جانبي طريق بلودان, جعله يبدو ضيقا وخطيرا, في لحظات كثيرا ندمت على اقتراحها, ندم لم تعلنه, بينما تبدو تعابيره غامضة, لاذت بجمود يشبه جمود الثلج الخارجي, بينما داخل السيارة يغلي اضطرابا, لم تتمكن كعادتها من التقافز فرحا على مقعدها, بينما حزام الامان, يأسرها مضيقا الخناق عليها, وكأنها لم تكتف بكل هذا التحايل.
ماان وصلا الى المطعم المرتفع, حتى جلست قرب النافذة مكانها المعهود, استرقت نظرة حذرة, سرعان ماأدرات وجهها باتجاه النافذة, بدأت ترسم أشكالا ربما تعكس غليانها الداخلي الذي تحاول اخفاءه, مكررة في سرها, كوني هادئة..!
المقاعد المغطاة بالثلج خارجا, والفارغة بدت حزينة للغاية وهي تبحث عمن يدفئها, «ربما الافضل لها أن تبقى وحيدة مغطاة بثلج لانهائي, عن هذا الانتظار المضن لعواطف مجهولة» قالت في سرها..!
حين تكون في المنزل وتشعر بجمود..كانت تسارع للانزواء في غرفتها..
الآن.. وجها لوجه.. في مطعم تضيق طاولاته شتاء, حين نحشر في قاعته الشتوية, أين ستهرب..؟!
المواجهة.. الوضوح.. أسئلتها المتكررة.. دائما ضدها, بعدها تشعر بخسارة عميقة.. هي الخاسرة الابدية..!
بدأت برسم قلوب تشبه التفاحة الدائرية سرعان ماتزيلها.. لم يتأملها, لم يثن على أي شيء, حتى انه لايتابع ماتفعل.. برود يجعل كل شيء.. بلامعنى..!
لماذا يبدو الكلام مفقودا, لماذا كلما تفوهت بكلمة.. تشعر أنها مجرد حمقاء..!
لماذا تشعر ان ما بينهما ليس هذا الطعام الشهي الذي لم تمتد يدها اليه, بل مجرد جثة من الضروري دفنها..!
فجأة تذكرت كل صورها المفقودة, التي راكمتها قبل أن يبدؤوا بتسمية العواصف الثلجية بأسماء نساء, ألبومها فرغ من كل صور الماضي, ربما من حينها, كان عليها أن تهرب بلا هوادة..!
لماذا تركت الفراق يختمر وهما معا..!
الفراق اختمر.. وببطئ شديد كانت ترشح كل قطرة كبرميل ثقب طرفه, وانتظر وقتاً طويلا ليفرغ, قبل ان يكتشف أصحابه, ان الزيت فر منهم الى غير رجعة..!
سعاد زاهر
soadzz@yahoo.com
التاريخ: الأثنين 21-1-2019
رقم العدد : 16890