انتهكت طائرات بني صهيون سماء لبنان غير مرة، بعد إسقاط قواتنا الجوية طائرة لها وإعطاب أخرى، عندما حاولت انتهاك أجوائنا السورية، حتى أصبحت سماء لبنان مرتعاً لها، لضرب مواقع سورية، وتتصدى لها دفاعاتنا الجوية منعاً لتحقيق مآربها.
يريدون من سماء لبنان تحقيق أهداف مزعومة، وسلامة لطائراتهم، وربما لاستفزاز حزب الله وخلق فتنة مع الجيش اللبناني. كانت محاولات ضربات خفافيشهم العدائية تعكر هدوء ليلنا، لكن تحقيق أهدافهم لم يكتمل مرة، فجيشنا صاحٍ وهو لهم بالمرصاد.
الانتهاك ما قبل الأخير قبل أيام قليلة كان لافتاً.. تزامن صباحاً مع اجتماع (العرب) في قمة دعيت بالاقتصادية، برعاية من (الجامعة العربية)، تموضعت طائرات العدو الصهيوني في السماء اللبنانية، وقد تكون فوق رؤوس المؤتمرين، لضرب سورية.
قذائف العدو وُجهت لسورية في وضح النهار، وللمرة الأولى بعد إسقاط طائرتهم، كان صوت طائراتهم يجول الأجواء اللبنانية، ويصل مسامع جميع اللبنانيين، إلا آذان المجتمعين؛ فهل كانت صماء؟ أم ظنوا الساحرة الشمطاء حافتهم بطائرات تحميهم..
قال لي أحد الشباب (العمى تعليمة) على العرب، نعم يا بني لم يهتز لا شَعْر ولا مشاعر للمجتمعين لما حدث، وكأن شيئاً لم يكن، ألهذه الدرجة تبلد الحس العربي، أم لصمتهم رسائل أخرى، تراهم راضون لضرب سورية من عدو الجميع الصهيوني.
السؤال الذي يراود السوريين، إذا كانت دماؤنا رخيصة على حكامكم، إلى متى أيها الإخوة العرب، يبقى الصمت يلجم أفواهكم. لا تستهينوا بدمائنا، فقد بُذِلَتْ لكرامتكم وليعيش أبناءكم رجالاً.. ألم يخدش ما حدث مشاعركم ألم يهزكم صمُّ وبكمُّ قادتكم.
لم يحرك الحدث ساكناً في قاعة المجتمعين، الجميع نيام على مقاعدهم، دماء شهدائنا تناشد إلى متى سيظل هذا الشعب الذي انتظرنا منه الكثير ـــ أثناء المحنة التي ألمت بسورية وأبنائها الصامدين ـــ مستكيناً، متى سيتحرك الشارع العربي لأجل عروبته.
الكيان الصهيوني رأس حربة الحرب على سورية، يبدأ التطبيع مع بعض (العرب) امتداداً ضرورياً لتثبيت كيانه، المؤلم تلك الآذان المملوءة بالصمغ، وعناق المجاملة التلفيقي بين المجتمعين، على حساب حقيقة ما يحدث في سورية، دون أي رد فعل.
الشعب الذي حفظ كرامة الأمة محارباً الإرهاب نيابة عن دول العالم، هل من اللائق أن يغيب الانفعال، أو رد الفعل على وجوه المجتمعين عند ضرب سورية، ما أعطى الشارة للعدو الصهيوني لتكرار الفعل قبل أربع وعشرين ساعة، أين نخوة العرب؟؟ المعزوفة الأمريكية النشاز، عزفتها صواريخ الصهيونية في سمائنا، وتحطمت أدواتهم، إلا أن (السبات العربي) أعطى الإرهابيين رسالة لخرق مناطق خفض التوتر في إدلب، والتسلل لمواقع عسكرية في ريف حماة الشمالي، التي صارت مقبرة لهم.
ليس بالمغالاة ولا بإسقاط الاحترام عن… لكن كيف يمكن أن يفسر الشعب العربي عدم الاكتراث بما حدث، وما زالت بيروت تحتضن قمة تدعي أنها عربية أليس من أقل ما يمكن أن يكون في بيانهم شجب أو استنكار للفعل الصهيوني البغيض.
سورية المنبع الأساس للقضاء على الإرهاب، لا تكترث بأنفس تعتبر الحياد ملاذاً لأنه في معاييرها خيانة، والحدودُ الوسطى مراوغَةً وسعياً للهرب، وطلباً للنجاة من غضب أمريكا، وحق سورية المشروع في الدفاع عن سيادتها يسقط ذرائع أعدائها.
أردوغان شريك للصهاينة، فهو يسعى لاحتلال مناطق في شمال سورية وبناء ركائز له، وليس منطقة آمنة كما يزعم، فهو يفصح عن أعماقه في أنه لن يصمت إن لم تفي أمريكا بتعهداتها له، بينما هو لم يفِ بتعهداته للروس بسحب الإرهابيين من إدلب.
بعد تغير مواقف العرب وبدء زحفهم نحو سورية، لإعادة العلاقات وفتح السفارات يبدو الرجوع خطوة للخلف واضحاً، فقد عادت الضباع تحوم حولنا، وأردوغان يلعب بالورقة الكردية، ويحرك المتاريس المسلحة بالجهل والغل، طلباً لمعارج الشهرة.
هل من ملامح انبعاث فالوقت حرج، هل من صحوة في الأفق المظلم، هل تتحرك الجذور الأصيلة من جديد بدل الاستسلام البليد. ليستعيد العربي عافيته، أم أدمن الصمت؛ واستحلى مرَّ الصبر، فالذرائع أصبحت ممجوجة مملة فاقدة للمنطق.
لم يعد للكردي السوري من ملاذ إلا دولته السورية التي لم تفرق يوماً بين أبنائها، تخلي الأمريكي عنه سيجعله في مواجهة التركي الذي يعتبره عدواً، عندها لن ينفع الصراخ والاحتجاج، فلا بد من الوعي بأن وحدة الأرض السورية وسيادتها، مسلمةٌ.
الشر ما زال يكمن في كل مكان، فبعد إعلان ترامب سحب قواته إلا أن الدولة العميقة في أمريكا ما زالت تتذرع بوجود داعش. فعاد ليعزز قواته شرق الفرات، وإدارته تدعي أن بقاءها مرهون بالحل السياسي لإنهاء الأزمة في سورية.
أمريكا تسعى دائماً لخلط الأوراق، ها هي تدعو لمؤتمر وارسو للحشد ضد إيران الحليفة لسورية، وبهذا تستعدي روسيا وتحاول تشكيل حلف الناتو العربي، هل من شيطان مثلها يعبث بحياة الشعوب، تخرب بلاد العالم تبيع وتشتري وكأن شيئاً لم يكن.
إضاءات
شهناز فاكوش
التاريخ: الخميس 24-1-2019
رقم العدد : 16893
السابق
التالي