في مرور سريع على المواقف الأخيرة لجميع الدول التي تورطت في دعم الإرهابيين والحرب الإرهابية على سورية.. فإن ثمة قاسماً مشتركاً بينها وهو محاولة الجميع – وكل بطريقته – إيجاد سلم ينزله من على الشجرة التي تورط في الصعود إلى قمتها، وما عاد يجد سبيلاً للنزول عنها.
الأميركي نزل من على سلم الادعاء بأن مهمته انتهت في سورية بالقضاء على تنظيم داعش الإرهابي، وما من مبرر للبقاء بعد ذلك على أراضيها، ومن مول من الأعراب وقدم سكين الذبح التي استباحت رقاب السوريين، وجدوا سلم التوبة وغسل أيديهم من تلك الدماء بإعادة العلاقات الدبلوماسية، والتصريح بأن سورية بلد عربي لم يتم قطع العلاقات معها بشكل أو بآخر، والبعض ابتلع لسانه وغير مفرداته حتى ماتت «الثورة» في مفرداته وكأن شيئاً لم يكن، فانسحب خلسة تحت جناح الصمت، ومن ارتبط بهم أجيراً وبوقاً يشتم حين الطلب، أُسكت بذات القوة التي نطق بها» إشارة من أصبع المشغل».
لم يكن البحث عن تلك السلالم من باب القناعة أو الإنسانية، بل جراء قراءة الواقع بشكل صحيح، وانتصارات الجيش العربي السوري، ووصول الأمور في كتاب محاربة الإرهاب الى خواتيمها، وإدراك الجميع حاجتهم إلى سلوك الطرق مع دمشق، تلك الطرق التي ابتلعتها سنون الحرب، وفي هذا الإطار كان حديث رئيس النظام التركي رجب أردوغان عن اتفاق أضنه عام 1998، الذي بدأ أردوغان في تقليب أوراقه والبحث بين أسطره للتقدير أي الأوجه يمكن تحميله، أيكون سلماً للنزول من ورطة الالتزامات التي غرق بها، أم يكون سهماً لتحقيق مشروعه العثماني التوسعي بحجة محاربة ما يسميه إرهاباً؟
الأمر ليس بحاجة إلى كلام وتذكير من أردوغان بالاتفاق، بل بحاجة إلى تنفيذ، فهو من سهل دخول الإرهابيين منذ 2011 وهو من أقام لهم معسكرات تدريب، وهو من يحتضنهم في إدلب وعفرين وجرابلس، وهو من اعتدى على الأراضي السورية، ويكفي تنفيذ الاتفاق أن يوقف دعم الإرهابيين ويسحب قواته إلى ما وراء الحدود، ويترك مهمة ضبطها الى قوات الجيش العربي السوري كما كانت، مع تذكير أردوغان بأن اتفاق أضنه يتحدث عن مكافحة الإرهاب، ولا يتطرق إلى تنازل سوري عن أي شبر أرض.. فهل يحول أردوغان «أضنة» سلماً لهروب من ورطته والنزول عن الشجرة، ويكف عن دعم الإرهاب والإرهابيين ويعيد الأمور إلى ما قبل 2011؟.. إنه اتفاق أضنه الماء الذي يكذب الغطاس.
منذر عيـد
Moon.eid70@gmail.com
التاريخ: الأثنين 28-1-2019
رقم العدد : 16895